يتذمر الكثير من قاصدي الشواطئ هذه الأيام من التصرفات العبثية التي يقوم بها شباب لا يمتون بأي صلة لمجال السياحة، ويضربون بتعليمة ب«مجانية الشواطئ" عرض الحائط ويفرضون قانونهم الخاص، حيث يستغل هؤلاء فرصة موسم الاصطياف لفرض عضلاتهم على المصطافين الراغبين في قضاء أوقات ممتعة على شاطئ البحر، سواء بكراء أماكن للمكوث فيها أوشمسيات وكراس بأسعار خيالية، وحتى مواقف السيارات، حيث باتت الشواطئ في أيدي ما يسمونهم "مافيا الشواطئ". طلب الراحة والاستجمام يكلف العائلات الجزائرية كثيرا... رغم التعليمة التي أصدرتها وزارة الداخلية القاضية بمجانية الشواطئ طيلة موسم الاصطياف، ورغم أن هذا الأخير لا يزال في بدايته، إلا أن الكثير من الشباب استغلوا غياب الرقابة وجهل المواطن لحقوقه وقاموا بفرض مبالغ مالية بالقوة على المصطافين تخص الكثير من الخدمات التي يقدمونها للزبون، حيث يتم في بعض الأحيان منع كل من يرفض الدفع من دخول شواطئ بطرق غير حضارية. وقد عبر الكثير من المصطافين في عدد من شواطئ العاصمة التي زرناها، عن استيائهم، مما أسموه "مافيا الشواطئ"، وهم عبارة عن شباب يسيرون هذه الأماكن العمومية بطريقة غير قانونية، حيث تم تنصيب آلاف المظلات والطاولات على طول شواطئ العاصمة وضواحيها، قصدنا شاطئ ببلدية زرالدة، والذي يعج بهؤلاء الشباب الذين يحملون بأيديهم حقائب نقود، وأعينهم ترصد كل من يدخل حدود الشاطئ، ليعرض عليك خدماته المتنوعة. اقتربنا من هؤلاء وسألناهم عن الأسعار، فكانت الصدمة كبيرة، إنهم يفرضون مبالغ خيالية على المواطنين، حيث يلزم هؤلاء الشباب المصطافين استئجار الشمسية بسعر يتراوح بين 800 دج و1500 حسب قرب المكان من شاطئ البحر، هذا بالإضافة إلى بيع الشاي وبعض الحلويات وحتى "السندويشات" الجاهزة بسعر يفوق المتواجد في المطاعم ومحلات الأكل الخفيف بكثير. أكدت جل العائلات أن السبب الرئيسي وراء تغول هذه الفئة من الشباب هو غياب الرقابة على الشواطئ، لهذا يجد هؤلاء أنفسهم يسنون قوانين على مقاساتهم. يضيف كريم الذي جاء مع عائلته إلى هذا الشاطئ "أنا أقصد هذا الشاطئ رفقة زوجتي وأطفالي الأربعة، كيف يمكنني أن أدفع مصاريف تصل إلى 5000 دج، وكلها تخص كراء المظلات والكراسي وركن السيارة ومصاريف الأكل، وكل ذلك من أجل قضاء 4 ساعات فقط! لا أجد هذا أمرا معقولا". من جهتهم يرى هؤلاء الشباب في حديثهم ل«البلاد" أن ما يمارسونه على الشاطئ هو عمل مثل باقي الأعمال، وهو ربحهم الوحيد، وأن استيلاءهم على الشواطئ يصب في مصلحة المواطن. كما أكد هؤلاء الشباب الذين تراوحت أعمارهم بين 17 و40 سنة أن فترة الصيف وخاصة شهري جويلية وأوت، والتي يكثر فيها الوافدون على الشاطئ هي فرصتهم للحصول على عمل، ويضيف محمد أمين، الذي يرى أن عمله يساهم في تنظيم حركة المصطافين ويقلل من عدد الأشخاص الذين لهم أهداف أخرى غير قضاء أوقات ممتعة مع عائلاتهم أوأصدقائهم "نحن نوفر لهؤلاء المظلات والكراسي، ونجعلهم يقضون أوقاتا ممتعة بطريقة منظمة، هذه فرصتنا الوحيدة للعمل الشريف". أطفال يحترفون سرقة المصطافين وحوادث الغرق تفتتح موسم الاصطياف عرف موسم الاصطياف هذا العام، منذ بدايته حوادث غرق كثيرة، خاصة مع تهافت الجزائريين على شواطئ السباحة عقب موجة الحر الشديدة التي عرفتها العاصمة وبعض المدن الداخلية، خاصة أيام عيد الفطر، حيث سجلت مصالح الحماية المدنية حالتين في العاصمة، إضافة إلى ضحايا الغرق في المدن الساحلية الأخرى، أغلبها في الشواطئ الممنوعة من السباحة والتي لا تتوفر على الشروط الملائمة من نظافة وأمن. كما اشتكى الكثير من المواطنين من تزايد حالات السرقة، والتي تميزت هذه السنة بانضمام فئة الأطفال إلى "سارقي الشواطئ"، حيث أكد العديد من المصطافين أن بعض الأطفال سواء بمحض إرادتهم أومدفوعين ومستغلين من طرف جهات معينة، يتقربون من بعض العائلات ويتحججون بطلب قطعة خبز أو منشفة، أو ماء ليستغلوا تعاطف العائلة، ويغتنموا الفرصة لسرقة كل ما تطاله أيديهم، من هواتف نقالة ونقود وحتى الحلي وملابس السباحة! نقص المطاعم القريبة من الشاطئ وارتفاع أسعارها يهدد صحة المصطافين يمثل نقص المرافق القريبة من الشواطئ على غرار المطاعم والمحلات والأكشاك، عائقا أمام تطور السياحة الجزائرية، وخطرا على المواطنين الذين يضطرون إلى تناول أطعمة الباعة المتنقلين التي لا تستوفي في الكثير من الأحيان أدنى شروط النظافة. كما تذمر العديد من المصطافين من قلة المطاعم القريبة من الشواطئ، وغلاء الأسعار بتلك الموجودة، حيث لا توافق الأسعار العائلات متوسطة الدخل التي ترغب في قضاء يوم ممتع وهادئ، يقول سعيد الذي التقيناه بشاطئ عين البنيان "ثمن حوتة واحدة 1300 دج، بالمطعم القريب من الشاطئ، وعدد أفراد عائلتي خمسة، لا يمكن تناول وجبة الغداء التي ستكلفني 7000 دج، إذا أفضل أن أجلب الأكل من البيت، وفي بعض الأحيان اضطر لمغادرة الشاطئ إلى وسط المدينة حيث توجد المطاعم التي تعرض أسعارا معقولة".
غسل السيارات وترك الفضلات..عادات تشوه صورة المصطاف الجزائري لا يزال عمال البلديات يعانون ككل سنة، من تراكم العمل الخاص بجمع النفايات والفضلات التي عادة ما يتركها المصطافون على الشواطئ، في حين أن الكثير منها يتسرب إلى البحر ليلوثه، كما طفت إلى السطح ظاهرة غريبة ظهرت مؤخرا، حيث بات الكثير من المصطافين يجلبون سياراتهم بمحاذاة الشواطئ ليقوموا بغسلها في تصرف يوحي بالتخلف ويشوه المنظر العام للمكان الذي من المفروض أن يكون ملاذا للراحة والاستجمام، وهو الأمر الذي يكرس الفوضى السائدة في هذه الشواطئ أكثر. الكلاب تزاحم المصطافين... والشجارات تؤرق العائلات لم يعد الشاطئ حكرا وملجأ لكل الباحثين عن الراحة خلال الصيف، بل حتى الكلاب تبحث لنفسها عن الراحة في هذه الشواطئ، حيث لاحظنا وجود كلاب مملوكة لأصحابها وسط المصطافين داخل الشاطئ، وغالبا ما يصادفك "كلب" بلا هوية أمامك داخل مياه البحر، وهو الأمر الذي جعل المواطنين يتساءلون عن دور مصالح النظافة في البلديات السياحية. وبعيدا عن هذه الحيوان فقد تحولت الشواطئ في بعض الاحيان الى حلبة للمصارعة بين المصطافين لأتفه الأسباب، وهو ما ينبئ بأنه لم يتم التحكم فيها سريعا في مختلف شواطئنا بكارثة مستقبلا.
الديوان الوطني للسياحة: وفرنا أكثر من 20 برنامجا والعيب في المروجين للسياحة
قال عريوات فريد، مسؤول الاتصال بمؤسسة الديوان الوطني للسياحة، في حديثه ل«البلاد" أن الديوان سطر 20 برنامجا خاصا بموسم الاصطياف لهذه السنة، وذلك على طول الساحل. وأضاف المسؤول بالديوان "لدينا 33 وكالة سياحية على المستوى الوطني، مهمتها الترويج لبرامج وعروض الديوان، إضافة إلى الدور الذي تلعبه مديرية الاتصال على مستوى المديرية العامة، كما نحرص على الترويج لهذه البرامج عبر موقعنا الإلكتروني وصفحات التواصل الاجتماعي". وعن جديد الديوان لهذا العام، صرح المتحدث بأن المؤسسة قد عقدت اتفاقية مع المجمع الفندقي بالشرق الجزائري "رمضاني"، حيث سيتمكن الزبائن المستفيدون من الرحلات التي نظمها الديوان من امتيازات تتعلق بأولوية الحجوزات، والخدمات الراقية المتوفرة في مختلف الفنادق بالشرق الجزائري. وعن الأسعار التي توفرها هذه العروض فقد أجاب المصدر بأن الأسعار تراوحت بين 4500 و150 ألف دج، وذلك حسب مكان الإقامة ووسيلة التنقل، وأجاب المتحدث في رده على سؤال يتعلق بإقبال الزبائن متوسطي الدخل "الديوان يتعامل مع بعض المؤسسات العمومية مثل نفطال التي بدورها توفر رحلات لصالح عمالها، أما متوسطو الدخل فهناك إقبال لا بأس به، ولا أظن أن هؤلاء يلغون برامج عطلهم بالكامل، بل قد يتنازلون عن رفاهية الرحلة أو يختارون أماكن أقل تكلفة، أو ينقصون عدد أيام عطلهم". وأرجع المسؤول عزوف أغلب الجزائريين عن السياحة الداخلية إلى التقصير في التعريف بالأماكن السياحية التي تزخر بها الجزائر، ويكمن هذا التقصير حسب رأيه في استعمال اللغة الفرنسية في كتابة الدليل السياحي لأي منطقة، إضافة إلى نوعية الصور الملتقطة التي لا تغري الزبون باكتشاف هذه الأماكن.
المحلل الاقتصادي كمال رزيق ل«البلاد": "إرهاب الشواطئ" وغياب النظافة شوها صورة السياحة في الجزائر
أكد المحلل الاقتصادي كمال رزيق في تصريح ل«البلاد"، أنه يصعب الحديث في هذه الآونة عن تطوير قطاع السياحة الجزائرية، للعديد من الأسباب من بينها انتشار الفوضى في شواطئنا، حيث استنكر ما أسماه ب "إرهاب الشواطئ" الذي يشوه سمعة السياحة الجزائرية، بما يفرض من تكاليف على السائح الجزائري دون تقديم خدمات تستحق الدفع. وأضاف المتحدث أن أهم سبب ينفر السائح الجزائري والأجنبي من الشواطئ بالرغم من جمال طبيعتها هي عدم توفر النظافة، حيث يقول "هل يعقل أننا في 2017، ونحن نحتاج لهذا القطاع في التنمية الاقتصادية بشكل كبير، مازلنا نرى قنوات الصرف الصحي تصب في البحر، وأعطيكم مثالا بشاطئ بني حواء في ولاية الشلف، حيث يسبح السياح بالقرب من قنوات الصرف الصحي! المشكل أن الشواطئ تركت لأصحاب العصي الغليظة، حتى أصبح المواطن يحس نفسه مهانا، لهذا لا يجب أن نتساءل عن مليون ونصف المليون سائح يذهبون إلى تونس، فكيف نريد جذب السائح الأجنبي في حين أن السائح الجزائري لا يزال مهمشا في بلاده".