من يخشى التغيير في بلادنا، التغيير الهادئ والسلمي؟ سؤال يفرض نفسه على ضوء حالة التردد التي تطبع البعض في التعامل مع هذا الملف الذي لم يعد اختياريا في العالم العربي. هل يهدد التغيير استقرار البلد؟ هل التغيير يجرّم الماضي؟ هل هو دلالة على جرم ارتكبه كل من تولى المسؤولية في السابق؟ لماذا يتعامل البعض باستخفاف مع الأوضاع الخطيرة في الداخل والخارج؟ هل التغيير يعني التخلي عن مكاسب الماضي؟ إن محاولة إعطاء انطباع خاطئ عن مطالب التغيير والإصلاح، بوضع جهة لا تحظى بالشعبية ولا شرعية الحديث باسم الجزائريين كل الجزائريين في واجهة من يتبنى المطلب، يضع الهدفئ في زاوية يمكن أن تؤثر انعكاساتها سلبا على الجميع. التغيير ليس مطلب اللائكيين ولا الإسلاميين، ولا مطلب اليسار ولا اليمين، التغيير بات مطلب الجزائريين الذين تهب رياح التقلبات الجيوسياسية بمحيطهم الإقليمي. هذه التقلبات التي تسير تارة في خطها المستقيم وتنحرف عن أهدافها تارة أخرى، أصبحت اليوم تؤثر فينينا بشكل مباشر. كما أن الذين يراهنون على حكاية ''أكتوبر ''88 ولسنا تونس أو مصر يعتقدون أنها الإجابة السياسية للوضع الذي تمر به المنطقة العربية، ولأن الاستخفاف بما نعتقد أنه هو الحراك الحقيقي وما يمكن أن يخفيه من أسرار تصنعها دوائر أكبر من الإدراك العقلي والمرئي لنا ولما هو متوفر بين أيدينا، هو الذي حوّل بعض البلدان العربية إلى تسونامي سياسي وأمني يهدد استقرارها بل ومستقبل شعوبها، في وقت كان بالإمكان أن تتجنب تلك البلدان الهزات التي تضربها بالحكمة والهدوء والحوار، لكن لغة الاستخفاف كانت هي الغالبة في صناعة التوصيف السياسي لتلك التفاعلات المحلية، فأدت بالتالي إلى عملية تكاثر غير مسبوق لجزيئيات الحراك الذي دفع بأمواج الغضب إلى أعلى مستوياتها فحدثت الهزة. إن بلادنا تتوفر اليوم على أرضية الإصلاح وأدوات التغيير السلس والهادئ، وهي فرصة نادرا ما تتوفر في البلدان العربية، يبقى أن عامل الوقت جد ضروري لوضع قطاع الإصلاحات أو التغيير كما يحلو لكل طرف تسميته على سكته الصحيحة....أما باقي التوصيفات والفانتازيا السياسية التي يريد البعض التباهي بها فقد تجاوزتها حتمية الوضع العربي والإقليمي والدولي بل والداخلي أيضا.