تحضّر حكومة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لإحالة لائحة برلمانية للتصويت في الجمعية الوطنية الفرنسية تحدد رسميا مصير الحركى وتعترف بمسؤوليات الدولة الفرنسية تجاههم وتقر أكثر من 50 توصية تتضمن امتيازات لهذه الشريحة التي خدمت الجيش الفرنسي ووقفت ضد الجزائر وشعبها خلال الثورة التحريرية. وتلقت كاتبة الدولة لدى وزارة الجيوش، جينيفيار داغيوساك، تقريرا تمهيديا من الحكومة تضمن 50 أكثر توصية من بينها التصويت على لائحة "حقوق" لفائدة الحركى في البرلمان الفرنسي. ومن بين التوصيات التي تطرقت إليها أمس صحيفة "لوجورنال دوديمونش" الفرنسية إنشاء "صندوق التضامن وإعادة الاعتبار" لصالح الحركى. وأفادت كاتبة الدولة لدى وزارة الجيوش في هذا السياق بأن "لا شيء تم إقراره لحد الآن، الأمر سيفصل فيه رسميا خلال شهر سبتمبر القادم". ومن المرجح أن يتم الإعلان عن هذه الامتيازات بمناسبة تخليد اليوم الوطني للحركى في فرنسا المصادف ليوم 25 سبتمبر. وذكرت أن وثيقة المشروع تحمل 56 تدبيرا يهدف إلى الحفاظ على ذاكرة الحركى والسماح بالتعويض عن المعاناة. كما يقترح المشروع على وجه الخصوص "إلزامية تدريس حرب الجزائر في المتوسطات والثانويات". وشددت جينيفيار على أن "الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عازم على الذهاب بعيدا في ملف الحركى من أجل الاعتراف القانوني بما قدموه للدولة الفرنسية وستتم ترجمة هذا الشعور في نص لائحة تحضر له الحكومة بكل جدية لترسيم إعادة الاعتبار لهذه الشريحة وإقرار الدولة الفرنسيية بمسؤولياتها تجاههم". من جهتها أكدت رئيسة جمعية الحركى وحقوق الإنسان فطيمة بسنانسي أن "الحركى وأهاليهم ينتظرون مثل هذه الخطوة منذ سنوات ويجب عليهم الانتظار أكثر حتى مصادقة الجمعية الوطنية عليها نهائيا". ورحبت العديد من الجمعيات المدافعة عن حقوق الحركى بمشروع اللائحة التي ستعرض على البرلمان الذي من شأنه أن يرد "الاعتبار للحركى الذين ينظر إليهم دوما باحتقار وعلى أنهم خونة" حسب قول رئيس جمعية تنسيقية الحركى بفرنسا حسان عرفي الذي يضيف "لا يمكننا إنكار محاسن هذا التوجه الجديد لكننا كنا ننتظر أكثر من الحكومة الفرنسية، نريد نصا قانونيا يقر بالاعتراف بمسؤولية الدولة الفرنسية في إهمال الحركى والمجازر التي ارتكبت في حقهم وضرورة تقديم الدعم المادي والمعنوي لهم لضمان مستقبل أفضل لأبنائهم". ومعلوم أن اللائحة البرلمانية لا ترقى إلى نص قانوني فهي لا تعدو أن تكون نصا يناقشه البرلمان ويصوت عليه وهو ما دفع بعض جمعيات الحركى وممثليهم إلى مطالبة الرئيس الفرنسي بالعمل على طرح قانون واضح ينهي الجدل حول هذا الملف الحساس الذي يلقي بتداعياته ليس في فرنسا فقط وإنما في الجزائر أيضا رغم تأكيد وزير المجاهدين، الطيب زيتوني، أنه لن يكون هناك أي تفاوض بين الجزائروفرنسا حول ملف الحركى وأن الجزائر لن تخون ذاكرة الشهداء والمجاهدين". وقد عاد ملف الحركى إلى الواجهة بشكل لافت للنظر في الفترة الأخيرة، وسط ضغوطات تمارسها أطراف فرنسية لإدراجه ضمن اتفاقية التنقل بين الجزائروفرنسا الموقعة عام 1968، في صيغتها المعدلة ينص على تمكين الحركى من زيارة بلدهم الأصلي. ولا توجد إحصائيات دقيقة لعدد الحركى وعائلاتهم الممنوعين من دخول الجزائر، إلا أن المئات منهم قدموا شكاوى ويتحدثون لوسائل الإعلام عن فرنسا عن منعهم من قبل السلطات الجزائرية من زيارة الارض التي ولدوا فيها ويرغبون في زيارتها. وقد قام الرئيس الفرنسي ماكرون بنقل "طلب الحركى" خلال الزيارة التي قام بها إلى الجزائر، حيث دعا المسؤولين الجزائريين إلى تمكين الفرنسيين الذين ولدوا بالجزائر من زيارة هذا البلد، ولم يفصح الرئيس الفرنسي عن موقف السلطات الجزائرية من مطلبه هذا الذي ينطوي على حساسية كبيرة لدى الجزائريين، الذين يرفضون أي تسامح مع من تلطخت أيديهم بدماء الجزائريين خلال الثورة التحريرية، من الحركى والأقدام السوداء.