دخلت أحداث الربيع الأسود، ذكراها الأولى أمس على ولاية الشلف، التي فجرت ثورة غضب سكان الولاية على نحو غير معهود، على خلفية ملف البناءات الجاهزة الذي كان بمثابة الشرارة الاجتماعية التي أحدثت زلزالا ثانيا في تاريخ الولاية. ارتبط هذه المرة باضطرابات ساخنة لم تشهدها الولاية منذ ظهورها الى الوجود، حيث خلفت خسارة جسيمة مست ممتلكات القطاعين العام والخاص، بمقدار 100 مليار سنتيم واعتقال قرابة 130 شابا لحظة اندلاع هذه الانزلاقات التي لم تكن سوى تحصيل حاصل لسياسة التصلب التي اعترت مواقف المسؤولين المحليين والمركزيين، اتجاه مطالب العائلات المنكوبة القاضية بتعويضها عن مأساة اجتماعية دخلت عامها 26 على التوالي دون أن يلمس سكان شاليهات العار أي شيء على أرض الواقع سوى الوعود العرقوبية ومسكنات آلام والضحك على الأذقان، سواء تعلق الأمر بعهدة الوالي المرحل الى ولاية عنابة أو الولاة المتعاقبين على الولاية الجريحة التي لم تنل حقها من التنمية المحلية، مقارنة بالأغلفة المالية الفلكية التي سخرتها الدولة لفائدة سكان الولاية التي قدرتها جهات مسؤولة بحوالي 15 ألف مليار سنتيم. وعلاوة على ذلك فلان مشاريع التنمية اقتصرت على تشييد الصروح الادارية وبناء مساكن اجتماعية فوق عقارات فلاحية، واستمرار الترقيع في مشاريع لاتزال تفرز هفوات المقاولين على غرار النفق المروري الذي استهلك قرابة 24 مليار سنتيم. هذه المسببات الرئيسية كانت دافعا رئيسيا لصناع انتفاضة الربيع الأسود ضد دينامية الفشل وسياسات تسيير مشاكل المواطنين من وراء المكاتب، بل انتفاضة قطع الطريق أمام المتسببين المباشرين في حدوث هذه الاضطرابات الساخنة التي حولت مؤسسات ادارية وبريدية ومصرفية ومتحف عبد المجيد مزيان إلى كومة من الرماد، حيث ولد التشاؤم والخوف من المستقبل وما فيه من صعوبة العيش في براريك تعدى عمرها الافتراضي. ثورة غضب غير مسبوقة لدى مختلف فئات المجتمع في الشلف، ولم يكن هناك مفر أمام العديد من المواطنين سوى البحث عن نقطة بداية العصيان ضد السلطات المتهمة آنذاك بالعمل على حجب آفاق الخروج من الشاليهات والدوس على حقوق المنكوبين أزيد من مرة، انطلاقا من حكاية إعانة 40 إلى 80 مليونا لبناء مساكن فاخرة مرورا على مرسوم 99 الصادر بتاريخ 26 ديسمبر 2006 الذي مكنهم من اعانة 1 مليون دينار ونفس المبلغ كقرض بنكي بنسبة فوائد وصل سقفها 2 بالمائة، قبل أن يصيب المنكوبون بقرار الغاء الاعانة من قبل البرلمان الحالي، الأمر الذي فجر الغضب الشعبي الكامن في صدور القاطنين في أقفاص الدجاج، عفوا في مساكن تعد الأقدم على المستوى الافريقي في نظر رجال الاختصاص، وفي محاولة لمسح الغليان الذي يعلو وجوه العائلات المنكوبين، تقرر منحهم اعانة 70 مليون سنتيم، بعد ان وقع وزراء الداخلية والسكن والمالية على مقررة وزارية مشتركة تقضي بتمكين العائلات المتضررة من زلزال 80، من إعانة700 ألف دينار جزائري، غير أن هذه الحصة قوبلت بالرفض من قبل تنسيفية البناءات الجاهزة التي أعلنت عن امتناعها بهضم مبلغ غير كاف لسد حتى حاجيات هدم البناية، قبل أن يعلى الأمل سماء هذه الشريحة البالغ عددها 18 ألف عائلة منكوبة، في أعقاب الحلول التي قدمها رئيس الجمهورية في حملته الأخيرة من استحقاق التاسع أبريل، بازالة هذه البنايات الهشة، مقابل بناء مساكن تبعا لاطار عمراني عصري متناسق، وهو ما ينتظره المنكوبون، لطي ملف البناء الجاهز، لاستعادة الثقة في مسؤوليهم بعدما ساهم أخرون على المستويين المركزي والمحلي في فرط عقد الثقة بينهم وبين ذات الفئة، التي وصلت علاقتها مع المسؤولين الى الشارع في انتفاضة الربيع الأسود التي لم تقتصر خلفياتها على قاطني البراريك، بل تعدى الأمر الى المستائين من مشاهد الأرزاق المشبوهة التي اكتنزها مقاولون بالشبهة وأسماء محسوبة على الحواشي الرسمية الى ذلك، تبقى أثار الأحداث الأليمة، بادية للعيان في الشوارع والحارات الشعبية وحتى المؤسسات التي تنتظر محو بصمات الشغب الذي طالها، من توقيع شباب ثائر خرجوا لكسر الحواجز النفسية التي طبعت يومياتهم في ولاية، يبقى الحديث عن التنمية فيها مؤجلا الى اشعار أخر. عدا محاولات الادارة الحالية التي لم تقو على محو مخلفات الماضي.