ذكر المؤرخ الأكاديمي محمد القورصو، في معرض حديثه عن ذكرى مجازر 8 ماي 45، أن جر فرنسا نحو الاعتراف بجرائمها المرتكبة في حق الجزائريين إبان الحقبة الكولونيالية، لن يتأتى قبل أن تقطع الجزائر شوطا نحو التصالح مع تاريخها وذاكرتها، وقال إن إعطاء الصبغة الرسمية لضحايا مجازر الثامن ماي على أنهم شهداء سقطوا في سبيل القضية الوطنية مثلهم مثل بقية شهداء الفاتح من نوفمبر، يندرج في سياق هذه المصالحة المطلوبة، منتقدا موقف الدولة الجزائرية الرافض لمجرد الاعتراف بذاكرة هؤلاء الشهداء، على خلفية حسابات سياسية وتاريخية مع عراب الحركة الوطنية مصالي الحاج. فيما اعتبر أن الانطلاقة الفعلية نحو إجبار فرنسا على الاعتراف والاعتذار عن جرائمها، يكون بالتجرد من الذاتية الضيقة والنظر إلى الذاكرة بعقلية تصالحيه متبصرة بحقائق التاريخ ومنصفة لرجاله وصناعه. وجدد القورصو الذي كان يرأس سابقا جمعية 8 ماي، مطالبة السلطات بالتحرك من أجل إعادة الاعتبار لتضحيات هؤلاء وذويهم الذين همشوا من قبل الوصاية وحرموا الاستفادة من كامل الحقوق كسائر أفراد الأسرة الثورية الذين تكفل بهم قانون المجاهد و الشهيد. من جهة ثانية، وبخصوص زيارة الدولة المرتقبة التي سيقوم بها الرئيس بوتفليقة إلى باريس، منتصف الشهر الداخل، أبدى المتحدث تفاؤلا بأن ملفات الذاكرة والأرشيف الوطني ستكون في صلب المواضيع المتداولة على طاولة النقاش بين الطرفين، على خلاف ما ذهب إليه المراقبون من أن هذه القضايا سيتم تحييدها جانبا، لصالح مسائل هامة أخرى تتعلق بملفات التعاون الاقتصادي وقضايا الجالية المقيمة بفرنسا وتنقل الأشخاص والاستثمارات الفرنسية في الجزائر، إلى جانب التباحث في قضايا العلاقات الثنائية، وهي العلاقة المتشعبة التي يرى القورصو أن مستقبلها مرهون بحل المشاكل التاريخية العالقة بين الدولتين، التي يتصدر رأس أولوياتها اعتراف فرنسا ساركوزي بجرائمها السابقة في الجزائر وتقديم اعتذار صريح وواضح عنها للشعب الجزائري، إلى جانب تسوية ملف الأرشيف بصورة جادة ونهائية. مضيفا في السياق ذاته، أن تحقيق هذه المطالب ليس مستحيلا على ضوء الليونة الملحوظة في الموقف الفرنسي حيال فتح ومناقشة ملفات الذاكرة، التي كانت تعد سابقا من الطابوهات المسكوت عنها في الدوائر الفرنسة الرسمية والأكاديمية على حد سواء.