عاودت المملكة المغربية، مطالبة الجزائر بفتح الحدود البرية بين البلدين، على لسان وزيرها للشؤون الخارجية الطيب الفاسي الفهري، الذي قال إن المغرب ''متشبث بتطبيع العلاقات مع الجزائر وخاصة من خلال إعادة فتح الحدود''، مضيفا أن فتح الحدود ''من شأنه محاربة الأنشطة الاقتصادية غير المشروعة''. وهذا في إشارة منه إلى ظاهرة التهريب، التي تمثل إحدى النقاط، التي دعت الجزائر إلى معالجتها، قبل إعادة فتح الحدود، حيث تشتكي الجزائر، من استنزاف اقتصادي حقيقي بسبب التهريب، الذي يطال خاصة الوقود والمواد الغذائية المدعمة، المطلوبة بكثرة في المغرب لارتفاع أسعارها هناك. مقابل تدفق كميات كبيرة من المخدرات، والأسلحة الموجهة إلى الجماعات الإرهابية التي تنشط بالجزائر. وهذا ما حدا بهذه الأخيرة إلى مطالبة الرباط بتقديم ضمانات تخص ضبط الحدود في حال فتحها مجددا . وأبدى الفهري في حوار أدلى به لتلفزيون ''البي.بي.سي'' البريطاني، وأعادت وكالة الأنباء المغربية نشر مقاطع منه أول أمس، استعداد بلاده للتخلي عن إقحام القضية الصحراوية، في ملف العلاقات الثنائية بين البلدين، وكذا في مسار بناء اتحاد المغرب العربي، وهذا حين قال إن بلاده ''على استعداد للتعاون على المستوى الثنائي مع الجزائر من أجل التوصل إلى حل لقضية الصحراء المغربية في إطار الأممالمتحدة، طبقا لنداء مجلس الأمن''. وإن المغرب ''اقترح فصل قضية الصحراء عن مسألة التكامل المغاربي''، مضيفا أن قضية الصحراء ''يمكن معالجتها في إطار الأممالمتحدة'' . وهذا ما يمثل توافقا مع الطرح الجزائري، الذي يرى ضرورة ترك القضية الصحراوية تأخذ مسارها في الأممالمتحدة، مقابل إصرار المغرب على ربطها بمسألة العلاقات الثنائية ومسار بناء اتحاد المغرب العربي، الأمر الذي عطل هذا المشروع، وهذا ما عبر عنه رئيس الحكومة السابق عبد العزيز بلخادم بالقول إن المغرب جعل من عملية الاندماج المغاربي، ''رهينة لنزاع الصحراء الغربية''. وازدادت المطالب المغربية بإعادة فتح الحدود مع الجزائر إلحاحا خلال الأشهر الأخيرة. كما فسّر المراقبون التعزيزات الأمنية والعسكرية الهامة التي شهدتها مناطق الشريط الحدودي من الجانب المغربي، والمداهمات التي طالت أوساطا ذات صلة بتهريب المخدرات هناك، بأنها رسالة إلى الجزائر، فحواها استعداد المغرب للتعاطي الإيجابي مع مطالبها المتعلقة بضبط الحدود، التي تسبب غلقها العام 1994، في ركود اقتصادي غير مسبوق، بالمناطق الشرقية للمغرب . من جهة ثانية، لم تحمل تصريحات الفهري، جديدا فيما يخص القضية الصحراوية، حيث أكد تمسك المغرب بمقترح الحكم الذاتي، كسبيل وحيد لتسوية النزاع، وقال ''إن الحل التوافقي، الذي اقترحه المغرب لتسوية قضية الصحراء، في إطار احترام وحدته الترابية (الحكم الذاتي) متطابق مع مبدأ تقرير المصير''. وترفض جبهة البوليساريو بشدة مقترح الحكم الذاتي الموسع، الذي تقدم به المغرب، وتتمسك بقرارات الأممالمتحدة، التي تدعو إلى تمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره، عبر استفتاء حر ونزيه.