يعرض الفيلم المغربي المثير للجدل «عمر قتلني» لأول مرة في الجزائر ابتداء من اليوم وإلى غاية السابع من الشهر ب«قاعة الموڤار» في العاصمة بعد الجدل الكبير الذي أثاره في فرنسا. ويصور هذا العمل من خلال أحداث واقعية قضية البستاني المغربي عمر الرداد الذي لا يجيد القراءة والكتابة واتهم بقتل «غيلان مارشال» السيدة التي كان يعمل عندها والتي كانت تمده بالمال، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي رفضت تمده بأموال يعوض بها إفلاسه في الرهان أو القمار، ما دفعه إلى قتلها كما يصور الفيلم. ويظهر العرض كيف حاول عمر الرداد أن يشرح للمحققين أنه بريء وأن الضحية كانت بمثابة أم ثانية له، وهي لم تكن لترضى بتشغيله بستانيا وهو الشاب الأمي الآتي للتو من منطقة جبال الريف شمال المغرب لولا أنها كانت تعرف والده منذ عام 1962، إذ كان يشتغل بستانيا عند جارتها لغاية تقاعده. ويقول الناقد المغربي أحمد بوغابة في حديث ل«البلاد» إن هذا الفيلم الذي وصفه ب«المغاربي» نسبة إلى مخرجه المغربي رشيد زام ومنتجه الجزائري رشيد بوشارب وبطله التونسي سامي بوعجيلة، في دور عمر الرداد، قد جسد شكلا من أشكال العنصرية في القضاء الفرنسي اتجاه المغاربة بالتحديد، وذلك لأن القضاء الفرنسي لم يمنح المتهم فرصة الدفاع عن نفسه بسماع أقواله. وبدل ذلك، يقول محدثنا، تنسب إليه تهمة القتل بالإصرار وحكم عليه بالسجن 18 عاما نافذا رغم أن محاميه قدموا أدلة كثيرة تحجب التهمة عنه، ورفضها القضاء شكلا ومضمونا. وقال بوغابة إن هذا يبرز واقع الآلة القضائية الفرنسية التمييزية التي حاكمت العرق العربي لعمر والمغاربي على وجه الخصوص بعيدا عن المساواة والمحاكمة العادلة التي تدعو إليها فرنسا المعروفة بأنها دولة القانون والعدالة والإنسانية. في السياق ذاته، دعت السلطات الفرنسية لإعادة فتح ملف القضية بعد عرض الفيلم في مجموعة من البلدان من بينها فرنسا والمغرب وتم قبول طلب الرداد بإجراء فحوص جينية لتحليل آثار حمض نووي ذكوري عُثر عليها عام 2002 مختلطة بدم الضحية «غيلان مارشال» والذي كُتبت به جملة «عمر قتلني». وبيّنت الفحوص أن تلك الآثار لا تطابق الحمض النووي للرداد ما يعني أنه ليس الجاني الحقيقي. ويشارك في تجسيد أدوار العمل الفرنسي «دنيس بوداليداس» في دور النائب العام في المحكمة، والممثل «موريس بن عيشو» في دور المحامي الشهير «جاك فيرجيس» والممثلة الفرنسية ذات الأصول الجزائرية نزهة خوادرة، والعديد من الوجوه السينمائية الفرنسية والمغاربية، بينما يقول المخرج رشدي زام إنه بعد تعمقه في البحث عن تفاصيل القضية التمس عناصر مهمة كان من شأنها المساهمة في تبرئة عمر الرداد، مضيفا أن إيمانه ببراءة عمر هو ما جعله يصر على إنجاز الفيلم الذي حاول أن يكون موضوعيا في تناوله. معركة قضائية ضد العنصرية خاض الرداد منذ حصوله على عفو من الرئيس الفرنسي السابق «جاك شيراك» بعد تدخل العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني، معركة إعلامية وقضائية شائكة، امتدت سبعة أعوام، لكن القضاء رفض كل الطلبات التي تقدم بها على مدى السنوات العشر الأخيرة، لفتح الملف مجددا، ومراجعة الحكم الصادر بحقه، وإعادة الاعتبار إليه. وظل يعاني من قسوة العدالة ويصر إلى اليوم على براءته ويطالب بإعادة محاكمته من جديد، وفق ملف وأحداث جديدة، إلى أن عرفت قضيته تطورا بفتح التحقيقات من جديد مباشرة بعد العروض الأولى للفيلم في القاعات السينمائية، مما أحيا الأمل لدى البستاني المغربي، الذي سبق وحوكم ب18 سنة سجنا، ليحظى بعفو لم يبرئ ذمته، مع أن الرأي العام كان يرجح براءة الرداد حين مثوله أمام محكمة «نيس» خريف 1994. من ناحية أخرى، اعتمد منتج الفيلم رشيد بوشارب الذي كتب «السيناريو» رفقة الفرنسي «أوليفييه غورس»، على كتاب «جان ماري روار» وعنوانه «عمر الردّاد.. اختلاق متهم»، وهو كاتب آمن ببراءة الرداد، فاستقر في مدينة «نيس»، مسرح الجريمة، ليجري تحقيقاته الخاصة في القضية، إضافة إلى سيرة الرداد التي كتبها بعد خروجه من السجن. ويستند البناء الدرامي للفيلم على الكثير من اللحظات العصيبة التي عاشها الرداد بالسجن على غرار إضرابه عن الطعام ومحاولته الانتحار واللحظات المشرقة التي كانت تؤكد براءته قبل أن تتحول إلى كوابيس، إضافة إلى العناصر الأخرى التي تطرح علامات الاستفهام حول مجريات التحقيق وملابسات الجريمة.