قال عبد العزيز رحابي وزير الاتصال السابق، في تصريح ل''البلاد''، إن ''الأقدام السوداء ولوبيات اليمين المتطرف النافذة في فرنسا هي من تقف وراء الحملة المحمومة التي تشنها باريس ضد الجزائر''. وأكد رحابي، وهو دبلوماسي متمكن سبق له أن شغل منصب سفير للجزائر بالعاصمة الإسبانية مدريد، ''إن فرنسا الرسمية لا تحرك مثل هذه الملفات المفبركة''، مشيرا إلى وجود أطراف داخل الجيش والمخابرات الفرنسية وكذلك جهات إعلامية أخرى تقف وراء النبش في ملفات قديمة تم الفصل فيها سابقا. وقال ''إن هذه الأطراف تعمل باتجاه توتير العلاقات الثنائية بين البلدين بما يخدم مصالحها''. كما أشار رحابي، خلال تحليله الحرب ''غير المعلنة'' التي تشنها باريس ضد الجزائر، إلى أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ''لم يصرح بتطبيع العلاقات مع الجزائر فيما يخص ملف الذاكرة منذ مجيئه إلى قصر الإليزيه''، مقارنة بسلفه السابق جاك شيراك الذي عمل جاهدا من أجل تطبيع العلاقات بين البلدين بإمضاء معاهدة الصداقة التي ''وُئدت برحيله''. وحسب رحابي، فإن قضية ''اعتراف فرنسي بماضيها الاستعماري لم يكن يوما ضمن الأجندة الفرنسية''، لهذا رفض وزير الاتصال السابق الربط بين نبش فرنسا في الملفات القديمة ومحاولة شهرها ورفع السرية عنها، في مقابل المطالبات الملحة من أوساط جزائرية وأطراف المجتمع المدني بضرورة اعتذار فرنسا للجزائريين عن جرائمها الاستعمارية السابقة. وأشار الوزير والدبلوماسي السابق إلى تفضيل الرئيس الفرنسي ساركوزي تفعيل مجال العلاقات التجارية على حساب تصفية الحسابات السياسية المرتبطة أساسا بملف الذاكرة، قائلا: ''نيكولا ساركوزي نجح في تحقيق طموحاته بهذا الخصوص بإبرام مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية، وضمن التزام الجزائر إمداد فرنسا بانتظام وعلى المدى الطويل بالغاز الطبيعي''، معيبا على الموقف الجزائري الذي قدم تنازلات كثيرة على حد تعبيره للطرف الفرنسي مقابل مساندتها بعض المواقف السياسية للسلطة. من جهة أخرى، استغرب رحابي صمت الجهات الرسمية في الجزائر وعدم وضوح موقفها حيال قضية الذاكرة، مضيفا أن فرنسا استقوت بضعف الطبقة السياسية في الجزائر مقابل النفوذ القوي للوبي اليميني المتطرف داخل دواليب الحكم بفرنسا. وأشار الدبلوماسي السابق إلى عدم وجود إرادة سياسية في فرنسا لتطبيع علاقاتها مع الجزائر والنظر في ملف الذاكرة بشكل جدي ومنصف في الوقت نفسه، معتبرا أن ''الملف بالنسبة لباريس تم طيه وقضية الاعتراف غير قابلة للنقاش''. وعن إمكانية زيارة الرئيس بوتفليقة إلى فرنسا في ظل الظروف الراهنة، رجح الوزير السابق إمكانية قيام الرئيس بوتفليقة بزيارة دولة إلى باريس نهاية هذه السنة، مؤكدا أن تأجيل الرئيس للزيارة التي كانت مبرمجة إلى باريس مؤخرا جاء بطلب منها، ليشير إلى أن فرنسا ستعمل على خفض نبرة لهجتها الشديدة تجاه الجزائر قبل ذلك بكثير تمهيدا للقاء القمة الذي سيجمع بوتفليقة بساركوزي، حيث يرتقب وضع عدد من الملفات العالقة والساخنة على طاولة المباحثات بين الرئيسين. وحسب رحابي فإنه ''حان الأوان لتسليط واجب الحقيقية لمعالجة مخلفات الماضي الاستعماري قبل المضي قدما في أي شراكة تحمل الطابع الاقتصادي''.