مع أن القبول بنتائج الانتخابات التشريعية جائز شرعا بشرط إطعام مسكينا ويتيما من المراقبين كما تقول آخر نكتة انتخابية مع ذلك أقول فإنه من غير الجائز إطعام الملايين من الفقراء والمساكين بواسطة إقراض صندوق النقد الدولي لكن يتولى نيابة عنا توزيع القروض ويحصل على أجر حسن تحسب في ميزان حسناته! هذا الصندوق أو مولى التاج الذي احتاج قدم طلبا مكتوبا وليس بالهاتف النقال للحصول على قروض من الجزائر، على شكل مساهمات فيه، بعد أن فاض مالها مثلما فاض ماؤها من شدة الأمطار وهذا لانقاذه من الغرق في ثقبة الأوزون اليونانية. والحكومة على لسان وزير ماليتها وافق ووضع شروطا (غير تعجيزية) والطرح كله تزامن مع فترة الانتخابات التي جاءت نزيهة ونظيفة (بالماء والصابون) وهو ما جعل البعض يقوم بتأويل الموافقة على شكل رشوة مقننة تشبه السرقة باعتماد القانون ! عدد من الخبراء ممن اشتغلوا لسنوات في الصندوق يقولون إن معرفة ميكانيزم اتخاذ القرارات داخله من سابع المستحيلات، فإن ذلك يكفي لوحده للجزم بأن كل ما يمكن أن يحصل للمال المقدم على شكل قروض أن يكون مصونا من السراقين ومعصوما، بعد أن وصل يد السارق والناهب الأكبر في العالم! وهذا التوجه يعيد بنا الأذهان الى نفس التوجه الخليجي الذي قام على دفع ملايير الدولارات من فائض أموال الغاز والبترول إلى الصندوق الدولي الذي يتولى عصر الفقراء كما تعصر الرحى حبات الزيتون! وعندما تظهر حاجات مالية ملحة في عدد من الدول العربية والإفريقية التي عرفت تغييرا شعبيا كاليمن ومصر أو تلك التي لم تعرف فإن الأفضل أن تتحرك الحكومة في الاتجاه الذي يحولها إليه حكومة استثمار في الخارج كما يفعل القطريون مثلا، بدل ضخ أموال في صندوق يأكل الغلة ويسب الملة ثم يربح أجرا من لحية غيره. فهذا العمل يمكن الاستثماري الذي يعزز علاقة البلاد يمكنها من المساهمة في مشاريع تنموية تجني منها أكثر مما تجني لو أنها أودعتها في الصندوق! ومع ذلك فإن الحكومة إن ركبت رأسها ولا تريد أن تشقى وتتعب لابد أنها تعرف مصالحها ومصالحنا أحسن منا.