توالت أخبار إطلاق نار من طرف عناصر شرطة، سواء ضد زملائهم، أو رؤسائهم، وحتى مواطنين بسطاء، تهمتهم الوحيدة أنهم تواجدوا في لحظة «طيش» أثناء غضب أو نرفزة رجل أمن المفترض أن يكون أعقل وأرزن الناس حينها، لكن ولأسباب تبقى مبهمة يكون اللواء عبد الغني هامل قدم تفسيراتها، صاروا ضحايا في عداد الموتى أو الجرحى ب«نيران صديقة»، ولعل مقتل المدير العام للأمن الوطني العقيد علي تونسي على يد احد معاونيه العقيد شعيب ولطاش، أكبر حادث دراماتيكي عرفته الشرطة الجزائرية. وبالرجوع إلى سجل حوادث إطلاق النار، كان الأسبوع الماضي الأكثر دموية، ففي الوقت الذي كان فيه اللواء هامل يقوم بزيارة عمل الى ولايات الشرق الطارف، عنابةوقسنطينة، كانت ولاية خنشلة على موعد مع حادث جد أليم بطلته شرطية تعمل بذات الولاية، تكون قد اختلفت مع خطيبها الدركي، ومن دون سابق إنذار أشهرت مسدسها الشخصي وأطلقت رصاصات عليه أردته قتيلا. بعد يومين فقط، كان الغرب الجزائري على موعد مع قصة أخرى، شرطي يعمل بالأمن الحضري لمدينة عين تادلس بأمن ولاية مستغانم يقتل سائق سيارة «كلونديستان» يقيم في نفس المدينة بمسدسه. ولإخفاء الجريمة، قام بالتخلص من الجثة برميها في غابة مجاورة للطريق المذكور، متوجها بعدها إلى دوار أولاد عباس الواقع بدائرة خير الدين، حيث باع السيارة لشخصين تم توقيفهما فيما بعد على متن المركبة بمدينة عين تادلس، وبعد ساعات من اقترافه الجريمة، تم توقيف الشرطي الجاني، وتم العثور على الهاتف المحمول الخاص بالضحية في جيبه. في حين لا يزال التحقيق جاريا لمعرفة حيثيات الجريمة ودواعيها. ومن الصدف أن ينتقل المشهد بطريقة غريبة إلى الوسط، وبالضبط إلى ميناء العاصمة، حيث أطلق عون أمن الرصاص على مسؤوله وهو برتبة عميد شرطة، ويرجح أن يكون السبب يعود إلى الرد السلبي الذي تلقاه الجاني من الضحية بعدم منحه ترخيصا للتوقف عن العمل. ولم يخل الجنوب من حادث مماثل، ففي شهر أوت من سنة 2010 وبولاية أدرار، اتهم رئيس المصلحة الولائية للشرطة القضائية بذات الولاية، بقتل ضابطة الشرطة الحاج إبراهيم شريفة، ويواجه المتهم تهمة القتل العمدي مع سبق الإصرار والترصد، رغم إنكاره ما نسب إليه. وقبل هذا الحادث بسنة، قتل عون أمن المنتمي إلى مصلحة الاستعلامات العامة، الشرطية «لبنى ا. م« من مواليد 1967 وتعمل كعون أمن عمومي بالأمن الحضري السادس بعنابة، ليقوم مباشرة بتوجيه المسدس نحو رأسه ويطلق رصاصة اخترقت جمجمته لينقل إلى غرفة الإنعاش بمستشفى ابن باديس الجامعي. وتطرح هذه الأحداث وغيرها، كما وقع في جسر قسنطينة بالعاصمة، حيث قتل رجل شرطة شابين من سلاحه كلاشينكوف، العديد من التساؤلات، وما هي الدوافع التي تجعل الشرطي يفقد أعصابه، هل نمط العمل، أم «التساهل» في قبول الراغبين في الانتساب الى هذا السلك الحساس، أم الإبقاء على السلاح كعهدة شخصية، خاصة وأن أكثر الحوادث حدثت خارج ساعات العمل العادية؟