ذكرت مصادر مطلعة ل''البلاد'' أن الرئيس بوتفليقة دخل في عطلة قد تمتد من 10 إلى 15 يوما، بعد أن منح الوزراء عطلة سنوية مدتها 15 يوما ابتداء من يوم الخميس الماضي. وسيعكف الرئيس فور انتهاء هذه الإجازة، التي يرجّح أن تنقضي قبل انقضاء عطل الطاقم الحكومي، على وضع اللمسات النهائية على مسوّدة تعديل حكومي عميق، سيطال نسبة معتبرة من أفراد الطاقم الحكومي الحالي، تعقبه حركة مماثلة في سلك الولاة. وحسب المصادر ذاته، فإن التعديل الحكومي سيعلن عنه بعد انقضاء شهر رمضان على أبعد تقدير، خلافا لما تم تداوله من أنه سيتم نهاية العام. وأكثر من هذا، رجحّت مصادرنا أن هذه الخطوة باتت وشيكة للغاية، بل ثمة إمكانية للإعلان عنها قبل أن تنقضي عطلة الوزراء، الذين أخذ كل منهم وجهته داخل أو خارج الوطن، دون أن يتمتع أغلبهم بنكهة العطلة أو ''يهنأ'' بها، بسبب الخوف من ألاّ تتاح لهم فرصة الالتحاق بوظائفهم ثانية، في حال أفرج عن التعديل المرتقب خلال الأيام القليلة المقبلة، وكانوا من بين المعنيين بالمغادرة. كما أن ابتعاد أعضاء الطاقم الحكومي عن مكاتبهم، في هذا الظرف يجعلهم بعيدين عن مصادر المعلومات المتعلقة بالتعديل أو استشعار ما ستؤول إليه الأمور، مما ضاعف قلقهم وتوجساتهم بشأن بقائهم ضمن الطاقم التنفيذي من عدمه، بل يكون بعضهم قد ألغى كل خططه التي للاستمتاع بالعطلة، وفضل البقاء بالعاصمة قريبا من مراكز القرار. وذكرت المصادر أن الرئيس بوتفليقة قد جعل تغيير الطاقم الحكومي إحدى أولوياته للعهدة الثالثة، لكنه اضطر إلى إرجاء هذه الخطوة والاحتفاظ بالحكومة الحالية لأسباب تتعلق أساسا بتزامن بداية عهدته مع نهاية الموسم الاجتماعي والدراسي، فقد جاءت إعادة انتخاب الرئيس في أفريل الماضي ومباشرته مهامه التنفيذية، عشية انتهاء الموسم الدراسي وانطلاق الاستعدادات لإجراء الامتحانات الوطنية وعلى رأسها الباكالوريا وشهادة التعليم المتوسط. كما كانت الأجندة الوطنية يومها مثقلة بمواعيد هامة كالمهرجان الثقافي الإفريقي وفعاليات أخرى كانت قيد التحضير، مقابل تعطل كثير من مناحي الحياة الأخرى، بمناسبة فصل الصيف وموسم العطل. كل هذه العوامل حدت بالرئيس إلى إرجاء مشروعه. وينتظر أن يكون الدخول الاجتماعي المقبل بداية فعلية للعهدة الرئاسية الثالثة، التي يحرص الرئيس على تنفيذ كل الالتزامات التي تعهّد بتنفيذها خلالها، حتى لا يتكرر سيناريو العهدتين المنقضيتين، بما حملتاه من تعثر في تطبيق عديد المشاريع، وتنفيذ الكثير من الوعود الانتخابية، ليس بسبب غياب الإمكانيات أو عدم وجود مخططات عملية لتطبيقها، لكن الخلل يكمن في أداء الوزراء وكبار المسؤولين المعنيين بالإشراف عليها ومتابعتها، ممن تعوزهم الكفاءة المطلوبة للاضطلاع بهكذا مهام، حتى أن الرئيس اعترف بنفسه بوجود ''إخفاقات'' واختلالات في ملفات معينة كالاستثمارات الأجنبية. وكان الرئيس بوتفليقة قد دخل في مشاورات مكثفة عقب أدائه اليمين الدستورية رئيسا للجمهورية لعهدة ثالثة، من أجل إجراء تعديل حكومي موسع، جريا على العرف المتبع في الحياة الدستورية بالجزائر، التي تعرف تغيير الحكومة بمناسبة كل انتخابات رئاسية. وامتدت تلك المشاورات إلى أحزاب التحالف الرئاسي التي طمأنها الرئيس باحتفاظها بحجم تمثيلها في الفريق التنفيذي أو بأكبر قدر منه، لكنّه نبّهها إلى مقاييس معينة يريد توفرها في المرشحين للاستوزار، وعلى رأسها المستوى العلمي. وهذا ما استجابت له الأحزاب الثلاثة، حيث وضعت على مكتب الرئيس قوائم بإطارات تحمل شهادات علمية عليا في تخصصات مختلفة، لينتقي منها من يراه مناسبا لشغل مناصب وزارية، وكان من بين الأسماء التي اشتملت عليها القوائم، نحو40 من حملة شهادة الدكتوراه. لكن التغيير لم يحصل وتم الاحتفاظ بالفريق الحكومي إلى حين، باستثناء مغادرة وزير الدولة من دون حقيبة أبو جرة سلطاني الذي استعفى تحت ضغط استحقاقات داخلية لحزبه. غير أنه لا يستبعد أن يعود بوتفليقة إلى تلك القوائم هذه المرة، في إطار سعيه لضخ دم جديد في مواقع المسؤولية بالدولة.