نفى أي إقلاع تنموي في الجزائر يستبعد الدين من معادلته دعا الدكتور أحمد بوساق بمناسبة الإعداد لمراجعة الدستور في الجزائر، إلى ضرورة إثراء موقع الدين الإسلامي وكافة العناصر الأخرى للهوية الوطنية. كما طالب بوساق بصرورة دعم هذه الأبعاد الاجتماعية والتاريخية والحضارية في الدستور المرتقب بشكل يقول بوساق يجعل السلطة في الجزائر راعية للإسلام رعاية فعل وأداء واهتمام. وأشار بوساق في هذا الشأن إلى ما قد ينجر من مخاطر هددت وتهدد كيان المجتمع والدولة بسبب سياسة الترك والتخلي عن الإسلام من خلال سياسات أبعدته عن معترك الحياة العامة، وهي إشارة من الدكتور أحمد بوساق الى سنوات الفتنة التي عرفتها الجزائر بعد وقف المسار الانتخابي وما عاشته الجزائر من إراقة للدماء وتحميل الإسلام بغير وجه حق مسؤولية أخطاء بعض الإسلاميين وصلت إلى حد الادعاء بأن الدين مصدر الإرهاب وكل ذلك بسبب سياسة التخلي والترك التي انتهجت من قبل السلط المتعاقبة على الجزائر حيال الدين الإسلام. وعودا على بدء نفى الدكتور أحمد بوساق نفيا قاطعا أية إمكانية للإقلاع التنموي في الجزائر دون الأخذ بعين الاعتبار أهمية عنصر الدين الإسلامي في المعادلة التنموية الجزائرية ووقعه لدى الجزائري باعتباره محور كل تنمية وكذا وقع الدين لدى المجموعة الوطنية، قبل أن يؤكد ضيف «البلاد» على ضرورة إعادة الاعتبار للبعد الإسلامي في الهوية الجزائرية، حيث قال عنه بوساق إنه يجعل من الإسلام المحرك الأساسي لأي تنمية تصبو إلى اللحاق بالركب الحضاري. فيما واصل بوساق مؤكدا أن الجزائر تملك إمكانيات الإقلاع التنموي ويمكنها أن تخطو خطوة الألف ميل في مضمار الحضارة الواجب على الجزائر أن تخطوها. وقال بوساق إنه لا يرى مستقبلا للجزائر وحتى للعالم الإسلامي دون الإسلام، فضلا يقول الشيخ عن استهداف الدين أو استعدائه أو حتى المساس بمشاعر الأمة الدينية. وأضاف بوساق معللا تحليله بقوله إن الإسلام مصدر قوي للطاقة والإبداع وحرية المبادرة والتفكير، وأكثر من كل هذ يقول بوساق أن الإسلام يشكل العنصر الجامع للجزائريين هو عنصر الوحدة والتناغم والانسجام، مشيرا في هذا السياق إلى أن النخب في العالم الإسلامي كلما أرادت أن تقلع من دون الإسلام وجدت الشعوب تتصدى لها ولا تتناغم مع مشاريعها، كما أن الشعوب لا تنخرط ولا تنسجم في هذه المشاريع التي تريد الإقلاع دون عنصر الدين في العالم الإسلامي، والجزائر لن تكون طفرة. وواصل بوساق مؤكدا أن أكبر خطأ وقعت فيه النظم المعاصرة في المجتمعات الإسلامية مع فجر الدولة الوطنية هو الادعاء بأن الإسلام أصبح من التاريخ وبذلك تكون قد أصابت عناصر القوة في هذه المجتمعات في مقتل. الإسلاميون ركنوا إلى الشعارات.. وتركوا العمل الاستقلال كان رديف الإسلام في فكر الثورة التحريرية وصف الدكتور أحمد بوساق «الصحوة الإسلامية» في الجزائر بأنها كانت الأمل الكبير للجماهير العريضة، ذلك أن الشعب الجزائري لم يترك دينه ولم يخل تاريخه من ذكريات طبيبة للحكم الإسلامي الرشيد وتاريخ الخلافة الراشدة، على حد تعبيره، ومن ثمة – يضيف المتحدث- شكلت العودة إلى أصول الإسلام طموحا شعبيا واسعا، وليس هذا بالجديد، بل إنه كان يعكس روح ثورة التحرير الكبرى، والتي كان من أهم أهدافها إقامة دولة في إطار المبادئ الإسلامية، لذا فإن معظم المجاهدين وكثيرا من نخبتها، حتى من كانت لهم توجهات مخالفة، قد اندمجوا – برأيه- تحت أهداف الثورة وما كان في مقدورهم الجهر بأفكارهم المعادية لخط الثورة العام، ليخلص المتحدث إلى أن الثورة كانت ترى أن الاستقلال هو رديف للإسلام، أي رجوع البلد إلى أصله بطرد المستعمر، فيتسلم شؤون الحكم في الوطن مسؤولون من بينهم أي من المسلمين، لأن من كان موجودا في زمن الاستعمار هم مستعمرون، ويتميزون بأنهم «جهة مختلفة»، ولذلك – يقول الدكتور بوساق- لم يفرق الشعب الجزائري بين الإسلام وعودة العدل والتنمية، فقد كانت في وعيه شيئا واحدا، بدليل أن القيادة على عهد الثورة وقبلها، لم تكن تفصل بين «عالم الدين» والقائد الميداني في ساحة الجهاد، مثلما شدد عليه أستاذ التشريع الجنائي الإسلامي في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، والذي قدم نماذج تاريخية في هذا الصدد، بدءا بزعماء المقاومات، الذين اعتبر المتحدث فهمهم للدين بأنه كان شاملا، فالأمير عبد القادر وبوعمامة وبوبغلة والشيخ الحداد وزيان وغيرهم، لم يفرقوا بين دينهم ودنياهم، مثلما بينه الشيخ بوساق في حديثه معنا، مردفا أن هذا هو الفهم السليم للإسلام، الذي تقوم شرائعه وأحكامه على مقياس المصلحة والمفسدة، فالمصالح مطلوبة والمفاسد مردودة، على حد قوله. وقال ضيف «البلاد» في سهرة رمضانية ببيته في العاصمة، إن الحركة الإسلامية في الجزائر استمرت في فكرها بهذا المنطق، ولمّا ترعرعت الصحوة كانت «الأمل»، فأعطاها الشعب الثقة في البداية، لكن الحركة الإسلامية – في تقدير المتحدث الذي كان علمًا من رعيلها الأول- ظنّت أن مجرد الانتماء والشعارات تجلب لهم ما وعدوا به، وجهلوا أن هذه مسائل علمية وإنتاج فكري وتكوين، وليست قضية انتماء وشعار، «هذا فهم خاطئ أن تعتقد أن الانتماء معناه أن تصبح لديك الحلول والمشاريع، أين العمل البشري والجهد العلمي»، ملثما استغرب الدكتور أحمد بوساق، والذي شدّد على أن الأمة لا تجد الحلول جاهزة، قائلا: «صحيح نحن لدينا الأسس، لكن الإسلام قوة لك إذا أنت تحصلت على كل مدركات العقل والعمل البشري الذي هو قاسم مشترك بين الناس»، قبل أن يؤكد المتحدث قوله: «فإذا كنت في مستوى الغير في بذل هذا الجهد، حينها تتفوق بما لديك من موروث رباني». عثماني.ح لِمَ يخشى الغرب الإسلام على ضعف أهله وهوانهم…!! شدد الدكتور أحمد بوساق على أن أي «مشروع نهضة» للأمة الإسلامية يجب أن يأخذ بعين الاعتبار المرجعية الإسلامية الممثلة في الأسس العقدية والتوجيهية العامة، منطلقا من تراث الأمة، لأن الحضارة التي تبنى – برأيه – على أسس علمية تستطيع حشد أفراد الأمة وتجنيدهم وتوليد الطاقة الكامنة فيهم للانطلاق والبناء، ولهذا لا ينبغي فصلها عن دين الإسلام، فهو ليس مجرد انتماء اجتماعي يخص مرحلة محددة، بل هو رسالة عالمية تعلو ولا يعلى عليها، وهي اليوم الأمل الوحيد ليس فقط للمسلمين بل للبشرية قاطبة، مثلما أضاف المتحدث في لقاء مع «البلاد». وأيّد أستاذ التشريع الجنائي الإسلامي في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، موقفه هذا بالقول إن الإنسان الغربي مع ما يملك من عوامل قوة وتقدم ورفاهية وتمكّنه من جميع عناصر التفوق والهيمنة، لكنه ما يزال يخاف الإسلام، على ما فيه أهله من هوان وضعف، ذلك أن رسالة الإسلام في تقدير الشيخ بوساق تكشف اليوم عن عيوب الغرب، مثل دعوتها للحرية وحماية حقوق الإنسان، فهم أي الغرب رغم كونهم مغترين بغلبة الأمة، في حين أن الإسلام لا يعتدي على أحد، بل أقصى ما ينشده أتباعه هو تمكينهم من ممارسة عبادتهم، لكن هذه «القوة الذاتية» هي التي تزعجه، ومن ثمة لابد من الصراع بالنسبة للغربيين، ومنع الإسلام من المد والانتشار، يضيف الدكتور أحمد بوساق. وأوضح ضيف «البلاد»، أن ذلك الأمر يعود إلى إدراك الغرب لخطر الإسلام على قيم الحضارة الغربية في كافة مناحي الحياة، فهم يشهدون بأنفسهم أن كلما ما شرعه من نواهٍ هي اليوم من أكبر وأعظم المفاسد التي تفتك بالبشرية، على وصفه، وقد سرد بهذا الصدد جملة من الأمثلة الواقعية التي يواجهها العالم الحديث، إذ قال في هذا السياق، إن شريعة الإسلام نهت عن السكر والعالم يواجه الآن مخاطر المخدرات الفتاكة، ونهى عن كسب المال الحرام، بينما العالم اليوم يعاني من تبييض الأموال، كما حرم الربا الذي يعد في العصر الحديث من أخطر ما يهدد الاقتصاد العالمي، والأزمات المالية المتتالية خير شاهد على ذلك، لينتهي المتحدث إلى خلاصة مفادها: أن هذا الزحف الإسلامي هو الذي يثير قلق الغرب الذي لا يرى بقاءه إلا في تخلف العالم الإسلامي، كما قالت ذات يوم مارغريت تاتشر «إن بيننا وبين العالم الإسلامي فجوة لا ينبغي هدمها»، أي يجب أن تبقى قائمة لأن الغرب لا يستطيع اليوم أن يستمر طويلا لو تفقد شعوبه الرفاه الاقتصادي، بينما نحن نتحمل قرونا في وقت هم لا يستطيعون ذلك، وعليه – يؤكد الشيخ بوساق – أن كل تقدم للمسلمين يجب أن ينطلق من هذه الأسس. أما التمسك بالمظاهر واللهث وراء السراب وإيجاد حلول مصطنعة على حد وصف المتحدث، «فأعتقد أنها لن تكون مجدية» يقول ضيف «البلاد». عثماني . ح التنافس على الدنيا أفسد الصحوة الإسلامية أبدى الدكتور أحمد بوساق أسفه العميق على ما سماه ب«تعثر» جهود الصحوة الإسلامية في الجزائر، وعاد المتحدث إلى بدايات تشكل الوعي وظهور التدين الإسلامي، إذ قال الرجل وهو واحد من رموز العمل الإسلامي، إن «الالتزام الديني» كان في البداية صورة للزهد وتضييع المستقبل لدى المجتمع، حتى تقدمت الصحوة ونمت، فظهر التنافس على الالتزام، لذلك جمعت الدعوة الإسلامية يقول بوساق عددا كبيرا من رواد المساجد وصار هناك إقبال على حفظ القرآن، لكن بعدما أنجزت الدعوة مكاسب في ساحة المجتمع، وصارت لها مكانة بين الناس، ترفع أقواما وتحط آخرين، حينها يضيف أستاذ التشريع الجنائي الإسلامي في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية تنافس القوم على المناصب والمسؤوليات، لذلك جمعت في طياتها عددا كبيرا من كل الأصناف، فكانوا يصطنعون ويتكلفون ويقلدون حتى في الخطب والأسماء والألقاب، على حد وصفه، ومن هنا ظهرت بين صفوف الصحوة نخبة فيها دخن كثير، وفق تعبير المتحدث. عثماني.ح حذّر من البناء على التجارب الفاشلة بوساق يدعو الإسلاميين إلى التجديد دعا أحمد بوساق التيار الإسلامي إلى المراجعة والنقد الذاتي والتجديد والاستفادة من التجارب الإنسانية المختلفة، فيما حذّر الإسلاميين في الجزائر من البناء على التجارب الفاشلة. واكتفى في حديثه ل«البلاد» بالإحالة على حمى الاعتقاد بأن الشعارات وحدها كافية لتشكل حلولا واقعية مجدية تستجيب لحاجيات الشعب المتجددة والمتطورة والمعقدة في جميع مناحي الحياة من الاقتصاد، السياسة، الاجتماع والمال وغير ذلك من المجالات. كما دعا أحمد بوساق وهو يتحدث في عجالة عن التيار الإسلامي وتجاربه المختلفة إلى ضرورة عمل التيار الإسلامي على تبني سياسة التجسير باتجاه الآخر المختلف إديولوجيا في مكونات المجتمع سواء في الساحة السياسة أو لدى المجتمع المدني، فضلا عن التيارات الفكرية والإديولوجية واكتفى بوساق في هذا الشأن بالإشارة إلى هجر الإسلاميين الأبعاد الوطنية في بدايات النضال السياسي وهم أهلها منذ الثورة وقبلها، يقول بوساق.