اعتبر الباحث في التاريخ زهير إحدادن أن فقدان الجزائر لسيادتها واستقلالها كان عام 1881 وليس في 1830 كما هو متعارف عليه في كتب التاريخ، موضحا في الندوة التي نشطها مساء أول أمس عدد من المؤرخين والمختصين حول «تاريخ الفكر الوطني في النشر الجزائري» في إطار البرنامج الأدبي لمعرض الكتاب، أن الجزائر فقدت سيادتها الوطنية كليا ابتداء من تاريخ 1881 في حين كانت العاصمة فقط التي احتلت في 1830 من قبل الاستعمار الفرنسي. أما باقي مناطق القطر فكانت تتمتع بالسيادة الوطنية. وجاء حديث إحدادن واضحا فيما يتعلق بظهور الحركة الوطنية التي بدأت مع الأمير خالد عام 1919، حيث قبل فكرة الاندماج مع فرنسا بشرط عدم التخلي عن الدين الإسلامي والمساواة مع الفرنسيين في المجالس الولائية والبلدية. وتحدث الباحث مصطفى هداب في الندوة ذاتها عن سمات النشر الخاص بكتب التاريخ في الجزائر، موضحا أن السنوات الأخيرة شهدت تشجيع عدة مؤسسات وجهات للنشر الخاص بكتب التاريخ وتسجيل كل تلك الوقائع التي ارتبطت بفترة ما قبل 1954 والحركة الوطنية وإجماع على ضرورة جمع المادة التاريخية التي تسمح بكتابة التاريخ بناء على طلب ملح من المؤسسات الرسمية في الدولة. كما أن هناك حملة تحسيسية في الفترة الأخيرة تدعو إلى طبع الكتب التاريخية القديمة، سواء تلك التي ألفها جزائريون أو فرنسيون لأنها تحمل، وفق المحاضر، معلومات قد تساهم في تركيب خطابات تاريخية أخرى. وقال هداب إن النشر الخاص بكتب التاريخ ليس بالأمر الهين ولا يمكن أن يتم بصورة موضوعية مائة بالمائة لأن هناك قدرا من الذاتية وهدفا مثاليا لكتابة التاريخ، مفصلا أهم أنواع المادة التاريخية التي تصلح للنشر وهي الشهادات والسير الذاتية، مؤكدا «نحن بحاجة إلى دراسة ونقد الخطاب الاستعماري في الجزائر». وعاد مصطفى هداب ليسرد بعض الإحصائيات التي أجريت في هذا الإطار، حيث توصلت إلى أنه منذ عام 1962 وإلى غاية 2004 صدر 2025 عنوان في التاريخ، منها 161 صدرت في الجزائر و61 في فرنسا والباقي موزع. وقال المتحدث إن هذه الإحصائيات اعترفت بعدم كفاية البحوث التي تدرس التاريخ، كما أثبتت أن عدد المنشورات التي تصدرها فرنسا في مجال الحديث عن حرب التحرير يفوق بكثير المنشورات في الجزائر، وهذا راجع حسب تحليل مصطف هداب، إلى عدد المختصين والمؤرخين الفرنسيين الذي يفوق نظائرهم في الجزائر. من ناحية أخرى، قال الباحث أيضا إن هناك فئات مختصة بمهمة تدوين التاريخ وهي كل الأشخاص الذين ساهموا في التاريخ من خلال شهاداتهم وسيرهم وليس فقط المؤرخون والمختصون، بينما توجه رئيس «جمعية مشعل الشهيد» محمد عباد بنداء إلى المجاهدين ليتواصلوا مع الشباب المهتم بالتاريخ، وذلك حتى يساهموا في كتابته من خلال سرد شهاداتهم بمساهمة دور النشر ومؤسسات الدولة.