في إطار أنشطته الثقافية المتواصلة نظم «مختبر السرديات» بتنسيق معماستر «الدراسات الأدبية والثقافية بالمغرب»، لقاء ثقافياً تناول قراءة فيكتاب: «سيميائيات نصوص عزوز بكاك» لمؤلفه جمال زمراني، بقاعة المحاضرات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك– الدارالبيضاء، و قد أدار شعيب حليفي أعمال الندوة، التي شارك فيهاعبدالرحمن غانمي، والباحث عبدالإله الكلخة، وتأتي هذه القراءة في سياقمقاربة التجارب النقدية المغربية المكتوبة باللغة الفرنسية، كما تندرج ضمنانشغال المختبر بالاجتهادات النقدية في مجال السيميائيات وقراءة النصوص. الورقةالأولى في اللقاء قدمها عبدالرحمن غانمي الذي عنون مداخلته ب : «جمالزمراني في مقاربة سيميائية للتخييل الروائي عند الكاتب الجزائري عزوزبكاك»؛ إذ يرى الباحث أن الناقد زمراني قد استند في معالجته لنصوص بكاك علىخلفيات نظرية سيميائية تتحرى البحث في الوظيفة السيميائية العامة داخلالنص، وكيفية إنتاج المعنى في الخطاب الروائي، أي إبراز الشفرات والآلياتالسردية، وفحص نظام الشخصيات ورهانات الفضاء، وكذلك توليد الدلالة وهيآتهاومكوناتها؛ويبدو للباحث أن الناقد يتكئ على رؤِية اختارت بقصديةمبادئها المنهجية، في الوقت الذي عملت فيه على استدعاء المرجعيات المرتبطةبها، تعلق الأمر بأعمال الشكلانيين الروس أو الشعرية أو البنيوية أوالأبحاث السيميائية المعاصرة، وخصوصاً مع كريماص ومناقشتها؛ أي أنه لايكتفي بعرضها وإنما يتوخى توظيفها تبعاً لما تمليه عليه خطواته ورؤاهالمنهجية، كما ركز الناقد بحسب غانمي على عملية إنتاج وبناء المعنى نصياً؛ما يختزل سيرورة الكتابة بكل آلياتها وتطبيقاتها وأشكالها الجمالية، وينتصرللمفهوم الجديد للنص، وللكتابة الجديدة أيضا، كما يرى الباحث أن الناقدزمراني قدم قراءة نقدية تبحث في البنى العامة الفاعلة التي تؤطر سيرورةالنصوص، بموازاة الغوص في تفاصيلها، وانتبه إلى تقديم تأويلات تجمع بينالمرتكز السيميولوجي والمرتكز التاريخي لفضاءات بعينها. وفي الأخيرفإن الناقد زمراني في معالجته وتمثله لنصوص بكاك الروائية قد اعتمد علىالمنهج السيميائي، غير أنه طبقه بطريقة سلسة ومرنة من خلال الانفتاح علىمقاربات منهجية أخرى كالتصور السوسيولساني عند باختين أو المنهج النفساني،وبذلك فإن هذه المقاربةلم تكن منشغلة بتبرير صلاحية وسلامة المنهج بشكلآلي، وإنما توخت إغناء التطبيق السيميائي على نصوص لها خصوصياتها لكاتبهاالجزائري الذي يعيش في بلد آخر، والمنشغل بإشكالية الهوية المتعددةوالغيرية كما يتنفسها الشخوص. أما المداخلة الثانية فقد جاءت بعنوان: «تفعيل المنهج السيميائي في مقاربة الرواية قراءة في كتاب سيميائيات نصوصعزوز بكاك لجمال زمراني»، قدمها الباحث عبد الإله الكلخة، الذي ركز فيبداية مداخلته على تأكيد مدى قيمة الشخصية في النظرية السيميائية، هذهالشخصية التي اتخذت بعداً حداثياً يبرز تحولاً منهجياً ألغى كل المقارباتالتقليدية التي تتعامل مع مقولة الشخصية من موقع علم النفس أو التاريخبمعناه التوثيقي الصرف، ولذلك تتحدد المقاربة السيميائية للشخصية من خلالثلاثة محاور: أولها يتعلق بمدلول الشخصية وثانيها بدال الشخصية وثالثهابمستويات التحليل، فالشخصية وفق تصور الباحث لا تكتمل ملامحها إلا مع عمليةالتلقي (القراءة)، ونهاية مختلف التحولات التي كانت سنداً لها وفاعلاًفيها. ويرى الباحث أن العمل السردي عند بكاك خليط دلالي متعددالأصوات، وموظف بشكل نسقي ؛فهناك السير الذاتي ورواية المغامرة والروايةالأطروحة والرواية العجائبية، وكلها تعكس الهوية المتعددة للكاتب. وعقبانتهاء المداخلات، فتح باب نقاش عميق انصب حول مجموعة من الإشكالاتالمرتبطة بتعدد المناهج، و بالتداخل بين السيميائيات و السيميولوجيا. وفي ختام اللقاء تناول الكلمة الناقد المغربي جمال زمراني الذي أعاد تقديمقراءة جديدة لمؤلفه ، مضيئا العديد من الأسئلة الجديدة المستجدة ومقترحاتصوره النظري والتحليلي في مجال يتسم بالصعوبة والمتعة