يبدو أن العالم، وهذه المنظومة الكونية التي تم بناؤها بعد الحرب العالمية الثانية، ينهار ببساطة أمام أعيننا ونحن نشاهد كل يوم، تصاعد أعداد الاصابات والوفيات، من دون أن يقدر أحد على فعل أي شيء. أمريكا أعظم قوة في هذا العالم تنهار وتتحول إلى أكبر بؤرة للوباء، إيطاليا تعلن فقدانها السيطرة على الفيروس، وتعجز عن دفن موتاها فتلجأ الى حرقهم، اسبانيا تعاني في صمت، وألمانيا تتوقع إصابة ما بين 70 الى 80 بالمائة من السكان بالفيروس، إيران ترفع الراية البيضاء وتلجأ للدعاء، فرنسا تعترف أنها غير قادرة على فعل شيء، أما إسرائيل فيتحدث جيشها الذي قيل عنه لا يقهر عن فرضية “نهاية العالم”. بينما بريطانيا التي قيل عنها أنها عظمى تتوقع الأسوأ و تقول لشعبها استعدوا لتوديع أحبائكم. هذا يعني: أن عالم ما بعد كورونا لن يكون كما قبله، وأن الزعامة العالمية قد تنتقل من أمريكا إلى الصين، وأن الاتحاد الأوربي ذاهب الى الحل، وأن ملايين البشر ربما سيموتون قبل اكتشاف اللقاح، وأن الخطط الحربية والاقتصادية السابقة سقطت كلها في الماء، وأن القيم والمعايير التي كانت قبل كورونا انتهت بلا رجعة، وأن الجيوش التي أنفقت عليها الدول آلاف المليارات، تحولت الى خردة، بعد أن توقفت الدبابة والطائرة والصاروخ عن فعل أي شيء أمام قوة الفيروس الصغير. لكنه يعني أيضا، انه بينما العالم القديم ينهار، يمكن أن نشهد ميلاد عالم جديد، من رحم المعاناة مع كورونا، عالم فيه بعض الرحمة والتكافل والتضامن بين الشعوب.