نقلت أمس جريدة الحياة اللندنية عما أسمته مصدرا قضائيا في الجزائر أن هناك تبلورا لفكرة جادة لإجراء مراجعات في مسيرة العمل الذي تمارسه بعض أجنحة التيارات الإسلامية و تأتي هذه المساعي على مستوى عدد من المؤسسات العقابية التي يتواجد بها عدد هام من العناصر أين تورطوا في خوض غمار العمل المسلح وأغالب هؤلاء ينتمون إلى ما يسمى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. ورجحت ذات المصادر أن تكون هذه الخطوة ثمرة جهود تقوم بها عدة أطراف بشكل غير رسمي وهو الإطار الذي يمكن من تصنيف تصريحات القائد السابق للجماعة السلفية للدعوة و القتال حسن حطاب الذي أجرى سابقا حوارا مطولا لفائدة إحدى اليوميات الوطنية وعبر فيها صراحة عن رغبته في أن يلتحق به عدد من عناصر التنظيمات المسلحة عن طريق التخلي عن المنهج الحالي و الذي عارضه العلماء و أهل العلم. وكشفت ذات المصادر القضائية الجزائرية للحياة اللندنية عن وجود مساع لإجراء «مراجعات» يقودها ناشطون في التيار السلفي عبر سجون جزائرية. ويُعتقد أن عدداً من مساجين «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» توصلوا إلى ضرورة إطلاق هذه الخطوة التي ما زالت سرية إثر إتصالات غير رسمية تمت مع الأمير السابق ل «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» حسان حطاب الذي تحوّلت جماعته منذ 2007 إلى فرع «القاعدة» المغاربي. وحسب ذات الأوساط فإن معلومات عن «مراجعات سرية» يتم التحضير لها في بعض السجون في العاصمة الجزائر حيث يُعتقل أشهر معتقلي ما يُعرف ب «السلفية الجهادية». وذكر مصدر قضائي ل «الحياة»، أن المشروع بدأ منذ عام تقريباً وقاده عنصر قريب من القيادي السابق في «الجماعة السلفية» عبد الرزاق البارا (عماري صايفي) ويعتقل في أحد سجون العاصمة منذ بضع سنوات. وجاءت الخطوة التي لم يعلن عن تفاصليها بعد، إثر تواصل بين معتقلين وبين مؤسس " الجماعة السلفية للدعوة والقتال" حسان حطاب «أبو حمزة». ويعاون حطاب في هذا المسعى معتقلون سابقون نشطوا إلى جانبه وجرى الإفراج عنهم بداية العام الجاري. وبين هؤلاء عنصران: الأول كان «رسولاً دائماً» لحطاب بين المناطق، والثاني أحد القريبين منه وأعتُقل قبل سنوات إثر اشتباك مع قوات الجيش . ونقلت مراجع جزائرية أن عدد الموقّعين على «المراجعة» التي يجري إعدادها يبلغ 24 سلفياً، وتكشف أن المراجعة تعتبر أن «الأعمال التي كانت تُنفّذ باسم الدين قد نُزع منها غطاء الشرعية بعد التدبّر في كلام أهل العلم واستخارة الله في هذا الموقف». وتضيف أن المنضمين إلى المراجعة يقولون فيها: «نحن نسأل الله أن يجعل هذا الكلام في ميزان حسناتنا، وإننا لا نبتغي غير مرضاة الله، وإن أسخطنا رفقاء الأمس". ويضيف أصحاب المبادرة أنهم «يستغفرون الله ويتوبون إليه مما اقترفته أيديهم، وأنهم اليوم لم يدفعهم إلى التوبة والرجوع إلى جادة الحق والصواب طمع في مال أو منصب أو جاه، بل هو الطمع في مغفرة الله والإنابة إليه وعفو المظلومين من أبناء الشعب الذي قهرته ويلات استباحة دمائه وأمواله وأعراضه باسم الدين». وتابع هؤلاء " إن كثيراً من إخواننا ممن لم يتمكنوا من التوقيع على هذه المراجعات الشرعية موافقون على محتواها جملة وتفصيلاً " . وتبدو الظروف الحالية التي أعلن فيها جزئياً عن المبادرة مواتية لأصحاب " المراجعات " التي تُعد الأولى من نوعها في سجون جزائرية. ويعرف «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» تقلّصاً في نشاطه، فيما تزداد الشكوك حول مصير زعيمه «أبو مصعب عبد الودود» الذي لم يظهر في تسجيلات مصوّرة منذ نحو عام. وشكّلت مراجعات «الجماعة الإسلامية المقاتلة» في ليبيا نموذجاً أثار اهتمام ناشطي التيار السلفي في الجزائر. وحظيت مراجعات الجماعة الليبية باهتمام بالغ بسبب بعض التقاطع بين التنظيمات المسلحة في ليبيا والجزائر، ما يمكن أن يترك تأثيراً على «حلقات متشددة» في تنظيم « القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي » الذي أعلن رفضه المصالحة أو أي مشروع مستقبلي ل " العفو الشامل ".