غيرت النتائج الأخيرة للانتخابات التشريعية، صورة الجزائر وقربتها الى البلدان الديمقراطية، كما محت عنها الصورة التي علقت بها فيما يتصل بإبعاد المرأة عن مراكز القرار والمسؤوليات . وكانت الحصة المقدرة ب145 امرأة، امر تاريخي بالنسبة للجزائر انطباع أن البرلمان الجزائري أكثر تأنيثا من التونسي الذي يبلغ فيه نصاب النساء 27 بالمائة والمغربي الذي يتدحرج إلى 15 بالمائة. وأعطت النتائج التي حققتها النساء خلال الانتخابات التشريعية الماضية نقلة نوعية لتاريخ المرأة في الجزائر وجعلتها استثنائية في المنطقة، حيث لم يحصي البرلمان طيلة عهداته الأربع الماضية هذه الحصة، وكن قليلات من يمثلن الأحزاب الوطنية والديمقراطية والاشتراكية، فيما ينعدم وجودهن نهائيا بالنسبة للتشكيلات الإسلامية. ومكن الصعود المميز للنساء من تلميع صورة الجزائر وإظهارها في ثوب ديمقراطي، والدليل أن جميع التعليقات الصادرة عن البلدان العريقة في الديمقراطية ثمنت الصعود النسوي واعتبرته انتصارا حقيقيا للجزائر. كانت نائبات حزب جبهة التحرير الوطني بالمرتبة الأولى ب68 مقعدا ثم برلمانيات التجمع الوطني الديمقراطي ب 23 نائبا، وفي تكتل الجزائر الخضراء ب 15 امرأة والباقي موزع على الأحزاب الأخرى. وجعلت النسب المحققة الجزائر تتفوق فيما يتصل بالتواجد النسوي على البرلمان التونسي بفارق أربعة مقاعد وبفارق 16 مقعد على البرلمان المغربي. حيث توجد 59 امرأة بالمجلس الوطني التأسيسي المكون من 217 مقعد، سيقمن بنفس المهمة التي يقمن بها النساء البرلمانيات الجزائرية والمتمثلة في المشاركة في صياغة الدستور القادم للبلاد، غير أن الامتياز الذي حظيت به المرأة التونسية هو وضع تساوي عددي في القوائم بين الرجال والنساء الأمر الذي كرس المساواة الفعلية، على العكس من القوائم الجزائرية التي أتيحت فيها حرية الترتيب للحزب ولم يلزم القانون شروط تقيديية في الترتيب، وهو ما يشير انه لو كان النموذج التونسي في القوائم الانتخابية طبق في الجزائر لكانت حصة النساء اكبر بكثير مما هي عليه. أما بالنسبة للنموذج المغربي، فيقدر عدد بالبرلمانيات ب60 نائبة من ضمن 395 عضوا، وهوما حقق نسبة 15 بالمائة، وهي نسبة مرتفعة عن تلك التي كانت تتواجد بالبرلمان المغربي قبل صعود حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي للحكم، إذا كانت تقدر البرلمانيات ب5 بالمائة فقط، حيث سجلن زيادة ب10 بالمائة. تجدر الإشارة في النموذج المغربي أن جل البرلمانيات يمثلن الحزب الحاكم وليست الأحزاب اليسارية والوطنية التي انحصرت برلمانياتها في وجهين من حزب الاستقلال المتحالف مع العدالة والتنمية ونائبة من حزب الاتحاد الدستوري. كما تظهر المقارنة، أن النموذج التونسي هو الأكثر تحفيزا للنساء من ضمن النماذج الانتخابية الثلاثة، لأنه نظام نسبي، أي أن الأسماء المدرجة في الترتيب الأول هي الأكثر حظوظا، ولهذا تقلصت حصة النساء كون 7في المائة فقط تصدرن القوائم الانتخابية مقابل تواجد 93 من الرجال. ومن بين أهم الملفات التي تنتظر البرلمانيات الجزائريات تعديل الدستور التحرش الجنسي للمرأة في مقرات العمل، العنف في الأسرة والمجتمع، التمييز وفي حقوقها الأساسية مقارنة بالرجل وغيرها من النقاط الأخرى التي ستكشف عنها في المستقبل وتفرضها التحولات التي ستشهدها الساحة الوطنية .