وَصَلَ اليَوم سُياح الحَرب لغَزة، ووصلت أسلحة الشجب والإستنكار معهم، وكما قال نزار قباني "إذا خسرنا الحرب لا غرابة، لأننا ندخلها بكل ما يملك الشرقي من مواهب الخطابة، بالعنتريات التي ما قتلت ذبابة، لأننا ندخلها بمنطق الطبلة والربابة". وحدها المقاومة الفلسطينية لا تعزف نصرها إلا بالرصاص والصواريخ، أما العرب فلا تلزمنا دموعهم وشفقتهم، بل نريد دعمهم العسكري ومواقفهم التي لا يجب أن تُقال عبر مكبرات الصوت والجلسات المُصدرة عبر وسائل الإعلام، نحتاج لمواقف مُشرفة منهم على أرض الواقع. الذي يشاهد اجتماع وزارء خارجية العرب في القاهرة وخطاباتهم الثورية وصراخهم الذي كان أعلى من أصواتهم وغضبهم المُفتعل الذي شحذ النقمة على رقاب العدو – من يشاهد كل هذا – يظن أن الجيش العربي قادم لتحرير فلسطين، لكن فلسطين لن تكون بحاجة لأمة لا تعرف من ظلام الليل إلا النُعاس، ولن تحتاج لأمة تشتري الأسلحة الأمريكية لمحاربة إيران لا لتسليح الفلسطينيين ضد عدوهم، وتخشى إحراج إسرائيل وتترجى المقاومة بعدم ضرب تل أبيب والإكتفاء بالمستوطنات القريبة من غزة كما جاء على لسان مسؤول كبير من حركة الجهاد الإسلامي، يكفينا هزيمة العدو بإعتراف أحد مجرميه أن المقاومة لا يُمكن القضاء عليها كما جاء على لسان إيهود باراك. إنتهى الإستعراض العربي داخل القطاع الجريح ولم تنتهِ الحرب، أنعي لَكم يا أصدقائي العروبة المثقوبة كالأحذية القَديمة، وأزف لَكم وِلادَة المزيد مِن الهَزيمة. الهزيمة هنا منسوبة للعرب الذين إن لم يساعدونا عسكريا فعلى الأقل عليهم إلغاء إتفاقيات الذل بينهم وبين دولة اللإنسانية، وعلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلغاء إتفاقية أوسلو وكل المفاوضات، فهو لن يرتفع بنظر شعبه إلا إذا تنازل عن إسرائيل التي "وجدت لتبقى بمفهومه". إذا خسرت إسرائيل التي إمتازت بالعنجهية على مدى التاريخ، الان تستجدي مصر وتركيا بالتوسط لوقف إطلاق النار والصواريخ، تلك التي أفشلت "قُبعتهم الحريرية"، وجعلت جنرالاتهم يهرعون للملاجئ، ومواطنيهم يدخلون حجورهم خمس مرات في الساعة الواحدة، وهذا الكم الهائل من القلق كفيل بالتأكيد على نصر المقاومة، فدولة تعد أسرى حرب لديها مُكبلين ومحاطين بجدران إسمنتية وأسلاك شائكة مرتين باليوم الواحد هي دولة تنهار عند أول صوت للحق. خسرت إسرائيل ولن تتقدم أكثر لتغرق في وحل غزة، لن تعيد فشلها في جنوب لبنان عام 2006 وفي غزة عام 2008 إلا إذا كان "الكافر يُلدغ مِن جُحر ثلاث مرات"، وهنا على فصائل المقاومة تحويل أعصاب بنيامين نتنياهو إلى دمية تلعب فيها كيفما تشاء، لأنه الآن في موقف ضعيف وبناءا على ذلك ما نرجوه نحن كشعب فلسطيني منها أن لا تقبل إلا بهدنة تضمن فيها حق الشعب بأكمله وإستغلال هزيمة العدو بالضغط عليه للإفراج عن الأسرى وإنهاء الإستيطان ورفع الحصار عن غزة. ذاتَ حَرب، قالَ الرئيس العراقي صَدام حسين -رحمهُ الله-:" أطلَقَت على تَل أبيب ( 49 ) صاروخ، و أتحدى رؤساء العرب أن يكملوها الى 50".، كان صادقا في تحديه، ولكن غاب عن بال صدام أن الفلسطيني لا يعرف من الرؤساء العرب سوى الخذلان، ولأن الفلسطيني سيد نفسه أزهرت المُقاومة وأتمت الخمسين بصاروخ فجر أنار ليل الظالم. إننا لَن نراهن إلا على البندقية الفلسطينية، وذاتَ حرب، سننتصر.