دخل الجيش المصري بقوة الى الساحة السياسية داعيا كل القوى الى الحوار الاربعاء لايجاد مخرج للازمة قبل موعد الاستفتاء على الدستور المقرر السبت، في الوقت الذي كان فيه طرفا النزاع من مؤيدي ومعارضي الرئيس المصري محمد مرسي يتجمعان الثلاثاء في الميادين في تظاهرات مليونية بعد انسداد افق الحل السياسي. ودعا وزير الدفاع المصري الفريق اول عبد الفتاح السيسي القوى السياسية الى حوار الاربعاء "للخروج من الازمة التي تشهدها البلاد حاليا"، بحسب ما قالت وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية. واكدت الوكالة ان "السيسي وجه الدعوة إلى كافة أطياف الشعب المصري من سياسيين وإعلاميين وفنانين ورياضيين للقاء مساء غد الأربعاء من أجل عقد حوار للخروج من الأزمة التى تشهدها البلاد حاليا". وتزامنت دعوة وزير الدفاع مع احتشاد انصار طرفي النزاع في الشارع في اختبار قوة يثير مخاوف من صدامات قد تخرج عن السيطرة رغم تكليف الجيش بحفظ النظام حتى اعلان نتائج استفتاء السبت على مشروع الدستور. وتمكن مئات المتظاهرين مساء الثلاثاء من اختراق حاجز حديدي شيدته قوات الامن بالقرب من قصر الرئاسة المصرية في ضاحية مصر الجديدة (شرق القاهرة)، بحسب مصور لوكالة فرانس برس دون ان يؤدي ذلك الى وقوع صدامات. ولم تحدث اي اشتباكات بين المتظاهرين وبين قوات الشرطة والجيش التي عادت للانتشار حول سور القصر الرئاسي، بحسب المصدر نفسه. وكانت جبهة الانقاذ التي تضم الشريحة الاكبر من المعارضين لسياسة الرئيس المصري دعت الى التظاهر مطالبة بتأجيل موعد الاستفتاء على الدتسور ريثما يتم التوصل الى مسودة جديدة بالتوافق. كما دعا انصار مرسي من التيارات الاسلامية الى تظاهرات دعم لسياسته وللتشديد على اجراء الاستفتاء في موعده. في الاثناء اعلن رئيس نادي قضاة مصر احمد الزند ان اكثر من 90% من اعضائه رفضوا الاشراف على الاستفتاء على مشروع الدستور السبت المقبل الا ان لجنة الانتخابات اكدت ان عدد القضاة الذين وافقوا على الاشراف كاف. وقال الزند في مؤتمر صحافي ان "اكثر من 90% من اعضاء نادي قضاة مصر رفضوا الاشراف على الاستفتاء" مؤكدا ان هذا القرار اتخذ بسبب "المس باستقلالنا". بيد ان امين عام لجنة الانتخابات التي تتولى تنظيم الاستفتاء والاشراف عليه زغلول البلشي قال ان "القضاة الذين تقدموا بموافقات للاشراف على الاستفتاء يكفى للاشراف القضائي الكامل على اللجان والتي بلغت 9334 مجمعا انتخابيا و351 لجنة عامة و 13099 لجنة فرعية". ورفض البلشي ان يفصح عن عدد القضاة الذين وافقوا على المشاركة في الاشراف على الاستفتاء. واعلن عدد من قادة المعارضة انهم سينتظرون موقف نادي قضاة مصر لتحديد موقفهم النهائي من الاستفتاء بالمقاطعة او بالتصويت ضد مشروع الدستور. في الوقت نفسه، اعلن عبد المنعم ابو الفتوح زعيم حزب مصر القوية انه سيصوت ب "لا" في الاستفتاء على مشروع الدستور. وتعكس هذه الازمة السياسية الاخطر منذ تولي الرئيس القادم من الاخوان المسلمين الحكم في حزيران/يونيو الماضي، حالة الانقسام العميقة في البلاد بعد نحو عامين من الثورة الشعبية التي اجبرت حسني مبارك على الاستقالة. وتثير التظاهرات مخاوف من حدوث مواجهات جديدة شبيهة بالصدامات الدامية ليل الاربعاء الخميس الماضيين التي خلفت سبعة قتلى ومئات الجرحى خصوصا وان انصار الفريقين يحتشدان في مكانين يفصل بينهما اقل من كيلومترين. وحشدت جبهة الانقاذ الوطني المعارضة انصارها تحت شعار "ضد الغلاء والاستفتاء" خصوصا امام القصر الرئاسي في ضاحية مصر الجديدة، في حين تجمع انصار مرسي الاسلاميين تحت شعار "نعم للشرعية" في مدينة نصر المجاورة. واعلن حزب النور ابرز الاحزاب السلفية انه لن يتظاهر تفاديا لمخاطر الصدام. وكان مرسي اعطى الجيش الاثنين بقرار قانون سلطة توقيف المدنيين حتى اعلان نتائج الاستفتاء. وكان هذا الاجراء موضع انتقادات شديدة خلال فترة حكم المجلس العسكري بعد الاطاحة بمبارك وحتى انتخاب مرسي في حزيران/يونيو 2012. واقامت العديد من القوى السياسية بينها حزب الحرية والعدالة بزعامة مرسي حينها دعاوي امام القضاء الاداري الذي ابطله. ويعيد هذا الاجراء الى الواجهة المؤسسة العسكرية النافذة في مصر والتي حرصت على الابتعاد عن السطح السياسي منذ تقاعد المشير حسين طنطاوي في أوت الماضي. وعاد الجيش الى الظهور السبت مشددا على انه لا وسيلة لحل الازمة القائمة الا الحوار و"لن يسمح" بغيره. ونددت منظمات الدفاع عن حقوق الانسان مثل منظمة العفو الدولية بهذا الاجراء واعتبرته "سابقة خطيرة. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند الاثنين "نريد من الذين يمارسون حقوقهم في حرية التعبير ان يقوموا بذلك بطريقة سلمية، لكننا نريد ايضا ان تحترم الحكومة المصرية وقوات الامن حرية التعبير هذه وحرية التجمع وان تتحلى بضبط النفس". واضافت "لا نرغب في تكرار اخطاء عهد مبارك" في تحذير لنظام الرئيس مرسي.