يعد داء السيدا أو الإيدز من أخطر الأمراض المهددة للبشرية ، فهو يحصد ملايين الأرواح سنويا، و ليست الجزائر بمنأى عن المشكلة، فعدد المصابين بالإيدز في الجزائر حاليا يكاد يفوق ال 1500 حالة، وهذا منذ ظهور أول حالة إصابة بالإيدز بالوطن سنة 1985.و تتكاثف جهود الهيئات الوطنية و الجمعيات ، سعيا للقضاء على هذا المرض شديد الخطورة، من بين هذه الجمعيات التي بذلت جهودا كثيفة من أجل تحقيق هذا الغرض، جمعية إيدز الجزائر. محمد بن حاحة من أجل القيام بهذا المقال حاورت "الجزائرالجديدة" منسقة البرامج بذات الجمعية "زهرة بن يحي". في البداية، تقول محدثتنا أن جمعية إيدز الجزائر جمعية غير حكومية ذات طابع عمومي غير نفعي، و التي تم تأسيسها سنة 1991، من أجل تحقيق هدفها الأساسي المتمثل في الحفاظ على صحة الفرد و المجتمع بالإضافة إلى خلق جو أسري سليم من أجل تحقيق هذا الهدف، و تقيم جمعية إيدز الجزائر عدة نشاطات على غرار النشاطات الخاصة بالإعلام و التربية و الاتصال، و تدريب متدخلين في مجال الوقاية ، و إعلامهم عن طريق إنجاز دورات تدريبية، الرأفة و جلب دعم الشركاء و الأشخاص المتعايشين و المتعاطفين ، و الدفاع عن حقوقهم، بالإضافة إلى المساهمة في إثراء البحوث و الدراسات على الصعيد الوطني . و تتعاون الجمعية مع شخصيات دينية من أئمة و دعاة و أخصائيين اجتماعيين و نفسانيين و أطباء، من أجل إجراء دورات تدريبية تمس الشباب و المهاجرين و طلبة الثانوية و الطلبة الجامعيين ، بالإضافة إلى حملات توعوية بالمدارس، و حتى الأسواق و المقاهي ، و أخرى بين مختلف الولايات ، مستخدمة التقنيات الحديثة للإعلام و شبكات التواصل الاجتماعي، و تملك الجمعية خطا هاتفيا يعتبر مركز إصغاء يستقبل يوميا اتصالا على الأقل لطلب مساعدة أو استفسارا عن مراكز الكشف. وتعمل الجمعية في مهمتها هذه بشعار أساسي و هو "الإعلام هو أحسن وقاية"، أما في اليوم العالمي لمكافحة الإيدز، فلقد اتخذت إيدز الجزائر شعارا مخصصا لهذه التظاهرة، يعتبر دعوة للم جميع الأطراف و القوى من أجل تحقيق هذه الغاية ، المتمثلة في التغلب على السيدا و القضاء عليه تماما، وهو " معا يمكننا القضاء على الإيدز"، إذ أن الفكرة المستقاة من الشعار، هي تقوية الشراكة المستدامة و دعم قيادة الأشخاص المتعايشين و تمتينها. و تتوقع كل من منظمة الصحة العالمية و البرنامج المشترك للأمم المتحدة المعني بالإيدز، أن مجمل حالات الإيدز بالجزائر تتراوح بين ال 14000 و 23000 حالة ، غير أن المخبر الوطني المرجعي أعلن أن عدد حالات الإيدز في الجزائر تبلغ 1345 حالة سيدا ، بينما يصل عدد الأشخاص الإيجابي المصل إلى 5958 مصلي منذ ظهور أول حالة إيدز بالجزائر سنة 1985 إلى غاية ال30 من سبتمبر المنصرم، باعتبار أن نسبة الإصابة في الجزائر تقدر ب 1,0 % من مجمل الفئات النشطة جنسيا ، و التي تتراوح أعمارها بين ال15 و ال 49 سنة ، و يعود هذا الفارق في النسب إلى عدم توجه الأشخاص إلى الكشف المسبق ، فالنسب المقدمة تمثل الأشخاص الذين خضعوا للكشف المسبق فقط ، و لهذا يجب الترويج للكشف المسبق عن هذا الداء . و تؤكد "زهرة بن يحي" أن الهدف الأساسي من أجل حماية النفس و الغير من الإصابة بالسيدا ، هي تقديم معلومة تصحح المعلومات و المفاهيم الخاطئة و الأحكام المسبقة عن انتقال المرض، ففي دراسة قامت بها الجمعية على مستوى جامعات العاصمة ، و التي مست عينة من 1700 طالبا، تبين أن فقط 2,9% منهم يمتلكون كل المعلومات الصحيحة عن داء الإيدز ، ما يجعل كل تلك الفئة الجاهلة بالمعلومات الصحيحة عن الداء أكثر عرضة للإصابة، لأن المعلومات الصحيحة هي أفضل وقاية و أنجع سلاح لمكافحة الإيدز. و أشارت المنسقة في ذات السياق إلى أن الجمعية أقامت الشهر الماضي دراسة طبيعية سلوكية مدققة حول وضعية الإصابة لدى هذه الفئات الشابة ، مؤكدة على أن الجمعية دائمة الاهتمام بهذه الفئة ، و أنها تسعى للأخذ بيدها ، فهي أكثر عرضة للمرض . و عن السؤال الذي تم توجيهه لمنسقة البرامج حول مدى تفاعل المواطنين مع منهجية عمل الجمعية ، و إذا كانت تلقت بعض الانتقادات أو واجهتها بعض المعارضات ، فقد قالت أن"مرض الإيدز في الجزائر واقع يهدد كل الأشخاص ، فكلنا معرضون للإصابة بهذا الداء، و إذا كانت السلوكيات لا تتبع أي وسيلة من وسائل الوقاية المتعددة، و التي تنطلق أساسا من العفة و الطهارة أي الامتناع عن ممارسة العلاقات ، فإن أبت إلا الممارسة فعليها الوفاء لشريك جنسي واحد مع استعمال الواقي بالنسبة للأشخاص ذوي الشركاء المتعددين، وعلى الكل الالتزام بالاستعمال الشخصي للأدوات الحادة ، فكل شخص مسؤول عن سلوكياته و عن صحته و صحة المجتمع ، و نحن نهدف إلى أن يستعمل كل شخص الوقاية المناسبة له". و ألحت "بن يحي" على أهمية التربية الجنسية كمبدأ وقائي و تحصيني من المرض أساسه الحوار و التفاهم ، و كل طرف مسؤول عن التربية الجنسية، فعلى المدارس أن تقيم حملات تحسيسية للتلاميذ و أولياء التلاميذ وذويهم، و على الوالدين أن يدركوا أن الجيل الحالي لا يملك أي طابوهات في ثقافته ، و عليهم التواصل مع أبنائهم و تلقينهم الأسس و السلوكيات الصحيحة و الإجابة على أسئلتهم الجنسية من دون حرج ، و إلا فسيبحث الطفل عن الأجوبة بالإنترنت أو في الشارع ، و سيتعرض حتما إلى معلومات خاطئة ، و لهذا يتوجب فتح دعوة للانفتاح في الحوار بين الآباء و الأبناء و مرافقتهم في هذه المرحلة، أما فيما يخص البنت ، فمن الملاحظ أن بنات اليوم أكثر انفتاحا على الحوار مع الأم ، و هذا الأمر إيجابي للغاية. و تعمل جمعية "إيدز الجزائر" بالتنسيق مع جمعية"الحياة" التي تعتبر أول جمعية لمكافحة الإيدز بالشرق الأوسط ، و التي انبثقت عنها عدة فروع ك "أصدقاء الحياة" بمصر و "ثينك بوزيتيف" بلبنان، وهي جمعية مناضلة من أجل الأشخاص المتعايشين و النساء المتعايشات، و قامت الجمعيتان بعدة أعمال شراكة كبرنامج "الإنصاف" الذي أقيم سنة 2010 بمدينة تمنراست ، و الذي شاركت فيه مختلف فروع هيئة الأممالمتحدة و هو يمس النساء المتعايشات و المتعاطفات بتكوينهن في دورات تدريبية في الحلاقة و الطرز و صناعة الحلويات ، و دعمهن لتأسيس مؤسساتهن المصغرة في مجال تخصصهن قصد دمجهن في المجتمع ، حيث تم حتى الآن تخرج 87 متخرجة من تمنراست و تحصلت 36 امرأة على قرض و شرعت في تشغيل مؤسستها، فيما تبقت 34 دفعة جديدة في طور الدراسة، هذا و قد تم تمديد المشروع إلى العاصمة و ضواحيها لتستفيد حوالي 30 طالبة متربصة في جميع المجالات بدعم برنامج هيئة الأممالمتحدة المعني بالإيدز. وانعقد منذ أقل من أسبوع اجتماع المسابقة الإقليمية لمكافحة الإيدز بتونس (R.A .N.A.A)أين تم اختيار جمعية "الحياة" كممثل للمجتمع المدني الجزائري لمدة أربع سنوات في الجمعية العمومية للشبكة. و تواصل "إيدز الجزائر" التكفل بفئة النساء و الشابات في مرحلة الإنجاب ، في إطار الإستراتيجية الوطنية للقضاء على حالات انتقال الإيدز من الأم إلى الطفل ، و لهذا على النساء المقبلات على الإنجاب القيام بالكشف المسبق للتخفيف من النسبة ، و حماية طفلها عن طريق إخضاعها للعلاج الثلاثي ، و إرضاع الرضيع من طرف مرضعة سليمة، حيث أن الإيدز ينتقل عن طريق الرضاعة و "بهذه الطريقة نكون قد أنقذنا الطفل من الإصابة ، فالجزائر من البلدان الأكثر محظوظة و القادرة على تحقيق مشروع "صفر طفل مصاب" ، و شيئا فشيئا ستتوصل إلى تحقيق نسبة "0%" سيدا الذي دعت إليه هيئة الأمم. و تجهز جمعية "إيدز الجزائر لنشاط تحسيسي في المساجد على مستوى "باب الوادي" بالعاصمة، بالتعاون مع أئمة و دعاة ، بالإضافة إلى نشاطات أخرى متعددة مع الأسلاك الأمنية باعتبارها مندمجة ضمن الإستراتيجية الوطنية و التي تسخر كل الطرق الممكنة من أجل مكافحة السيدا. و في الأخير أعربت "زهرة بن يحي" عن تفاؤلها بالنتائج التي حققتها الجمعية حتى الآن ، و أهمها تغيير نظرة المجتمع للإيدز، من مرض قاتل إلى مرض مزمن يمكن العيش به و التعايش معه ، و ممارسة الحياة بكل عفوية، داعية في نفس الوقت جميع المواطنين إلى الإقبال على الكشف المسبق و لا داعي للخوف من النتائج، فهذا سيساهم في القضاء على كل الشكوك ، و سيسمح لنا بالتخفيف من الأضرار ، و القضاء على هذا الداء مطلقا.