شهدت دار الإمام بالمحمدية أمس، إحتفائية الذكرى الثانية لوفاة العلامة المربي، الشيخ محمد الشارف، الذي يعتبر أحد أعمدة الفقه المالكي بالجزائر. تضمنت التظاهرة التي نظمها كل من وزارة الشؤون الدينية و الأوقاف و جمعية "أقواس" الثقافية، عدد من تلاميذ الشيخ و محبيه بالإضافة إلى شخصيات سياسية على عضو مجلس الأمة ، الهادي الخالدي، باعتباره جارا للشيخ و ملازما له، و الوزير السابق ومستشار رئيس الجمهورية، محمد علي بوغازي. و عرض تلاميذ الشيخ بعض صور الشيخ و أغراضه و عدد من مؤلفاته و مخطوطاته إلتماسا لبركته. و شهدت المحاضرة التي ألقيت على شرف الشيخ شارف عدة تدخلات تحت إشراف تلميذه الشيخ محمد إيدير أومشنان، و الذي قال أن "الشيخ الشارف عاش لدينه و أمته و مبادئه و سيبقى ذكره ما بقيت، فلقد وقف حياته لله على طلبته و تلاميذه فمنحهم العلم و الحب و الأخلاق و دوام الإبتسام فلقد فارقنا بجسمه لكن علمه و أخلاقه لا زالت تقودنا". ولقد أعطى الشيخ إيدير الكلمة للشيخ العلامة الطاهر أيت علجت الذي كان من الأصدقاء المقربين للشيخ، و الذي قال أن كل جزائري مدين للشيخ شارف بالعلم، فلقد أقام بالعاصمة التي تستقطب كل العناصر. و أضاف الشيخ طاهر قائلا "و هو شيخي أعود إليه و أستعين به إذا استعصت علي المسائل فأجده دائم الإستجابة فهو عالم رباني يعلم الناس بأخلاقه و روحانيته قبل علمه، ف"هو وحيد دهره و فريد عصره و بالموسوعة العلمية"، حاثا الجميع إلى أهمية توحد الجزائريين التي دعا إليها محمد الشارف في كل درس و مجلس علم. و أدلى الوزير الهادي الخالدي بشهادة في حق الشيخ العلامة و الذي كان يناديه ب"الشيخ الشريف" كونه المنتسبين إلى الأشراف و الذي لم يره طيلة سنوات مجاورته غضبانا يتنقل إلى مسجده مشيا على الأقدام و يستقبل التلاميذ في بيته بباب الوادي في العاصمة. ونوه الخالدي بدور الشيخ في القضاء على الأمية التي عمل الإستعمار على نشرها، حيث أن الكثير من المسنين تعلموا اللغة عن طريق أدعية ما بعد الصلاة. ويضيف الخالدي قائلا "كنت أحضر خطبه ودروسه و أصلي خلفه و أنا أحن لتلاوته المميزة و أعظم ميزة في الشيخ هو تفاؤله الدائم و بعثه التفاؤل في الآخرين، رحمه الله". بعدها تكلم الشيخ محمد الشريف قاهر عن محبة الجزائريين للشيخ مذكرا بأن الله إذا أحب عبدا جعل القلوب تتعلق به و الألسنة تلهج بذكره و الناس يحنون إلى كلامه و خطبه و فتاويه، ذاكرا في ذات السياق مناقب الشيخ و خصاله الحميدة التي عرفها عليه في الحضر و السفر و أنه موسوعة أخذ من كل علم بطرف، متعفف لا يشكو فاقة أبدا و لا تمل مجالسته قط". وأحيلت الكلمة بعدها للوزيرمحمد علي بوغازي و الذي قال أنه تعرف على الشيخ من خلال غرسه الطيب، الشيخ محمد إيدير أومشنان، و ان الشيخ الشارف عالم مخلص تصدى لعصر انقلبت فيه الموازين وصار الكذب من صفات الناجحين، ذاكرا أن " الأمة لا تزال بخير ما دامت تحفظ لعلمائها قدرهم. و على هامش هذه المحاضرة، التقت "الجزائرالجديدة" بأحد تلاميذ الشيخ المميزين، عبد الرحمان بن محمد نذير، المختص بالعلوم السياسية و الدبلوماسية والعلاقات الدولية و هو نجل الراحل محمد النذير، شيخ زاوية العموري، و الذي قال بمناسبة هذه التظاهرة "نقف في الذكرى الثانية لوفاة شيخي و معلمي، سيدي محمد الشارف و الذي كان يدرسنا بالجامع الكبير و بمساجد أخرى عددا من المتون على غرار شرح خليل و الرسالة في الفقه المالكي و الرحبية في المواريث، كما فتح لنا بيته بباب الوادي، و نحن نتذكر اليوم مآثره، تواضعه و علمه الذي فتح الله علينا بفهمه أنا و أحد إخوتي في الله الباقي على العهد، الوافي منصوري أحمد بن علال فكان مرافقا دائما للشيخ. و أهداني الشيخ مجموعة كتب منها "تاريخ الإسلام السياسي و الديني و الثقافي و الإجتماعي" في جزئين و منقحا بيده الطيبة ، ما يدل على مراجعته للكتب بدقة. و يضيف قائلا"قال لي الشيخ في حكمة، ليس يحوي العلم جميعا أحد لا ولو حاوله ألف سنة إنما العلم كبحر زاخر فخذوا من كل شيء أحسنا" مذكرا بتسامح الشيخ و رقته و طالبا من المولى أن يسكنه فسيح جناته. للتذكير، فإن الشيخ محمد الشارف من مواليد 1908 بمدينة مليانة و هو من كبار العلماء المجتهدين بالجزائر فرحمة الله عليه. محمد بن حاحة