بعد أن كانت الرقية وسيلة للكسب لدى الكثير ممن اتخذوها أداة للمتاجرة بكلام الله، تحوّلت في المدة الأخيرة إلى وسيلة لإزهاق أرواح بشرية باسم كلام الله، حالات كثيرة انفجرت في السنوات الأخيرة ، فالكثير من القضايا المتعلقة بهؤلاء الرقاة المخادعين عرضت على أروقة المحاكم، فهناك راق في العاصمة استدعته عائلة إلى بيتها من أجل الرقية، فأرغم جميع العائلة على شرب ماء مرقي بالقرآن ، وضع فيه مادة منوّمة ، واستغل هذا الوضع لسرقة كل الأغراض الثمينة في المنزل، ولم يكتف بهذا بل اعتدى جنسيا على النساء في المنزل، مستغلا غيابهم عن الوعي، وخرج بشكل هادئ من البيت دون أن يلحظه أحد من الجيران. سمية بوالباني قضية أخرى انفجرت في بوزريعة ، حيث قبض على راق مزيف يستغل مهنته للاعتداء على الفتيات من خلال تنويمهن والاعتداء عليهن في الغرف المظلمة لبيته، و باتت الحالات التي وقعت ضحية لهذا المحتال لا تعد ولاتحصى . وأيضا منذ سنوات تمت محاكمة (راق) جاهل بالشراقة، بعد أن قتل شابا ضربا بالعصا ، وهو يعتقد أنه يضرب (الجني الذي يسكنه) وكان يقول لأهله إن (الجني) هو الذي يصرخ وليس ابنهم! . ومنذ سنوات أيضا أقدم (راق) آخر جاهل على قتل شاب وأخته بباب الزوار ، بعد أن أرغمهما على شرب برميل ماء ، حتى أن الماء كان يخرج من أذنيهما. كما أصدرت محكمة البليدة ثلاث سنوات حبسا نافذا ، ضد راق أحمق تسبب في وفاة سيدة بعد نزيف دموي حاد عرّضها له . وجرت وقائع هذه القضية الأليمة بمنطقة الزاوية بالبليدة يوم 10 نوفمبر 2007 ، حينما قام أبناء الضحية باستدعاء الراقي إلى المنزل بقصد رقية الضحية ، فأوهمهم بأن (جنيا يسكنها) وقد ذكر شهود من أهلها أنها مصابة بالسكري ، وأنها لم تكن في حالة صحية جيدة، إذ لم يمر وقت طويل على خروجها من المستشفى ، وقد صرّح الشهود أمام المحكمة بأن الراقي لم يرق الضحية بتلك الطريقة من قبل ، وقالوا أنه المتسبب الرئيسي في وفاتها، بعد أن استعمل العنف ضدها بالضغط بقدمه على صدرها بقوة ولعدة مرات ، ما جعلها تفقد الوعي وتتقيأ شيئا أسود ، و بالرغم من تنبيه الضحية للراقي بأنه يؤلمها وأنها هي من تتكلم وليس الجن وأنها في كامل وعيها وقواها العقلية، إلا أنه أصرّ على أن من يكلمه هو الجن وأنه (سكران ويتقيأ الخمر) ، وأن الجن أخبره بأنه سيخرج من فم الضحية، ولكن ما خرج هو روحها وليس الجن، بعدما طلب من زوج ابنتها بأن يخرج الضحية إلى الشرفة وإحضار وعاء كبير به ماء بارد ، ليبدأ برشها في كامل بدنها ، وهذا بغرض إيقاظ وإعادة وعي (الجني السكران)، ولكن وبعدما أدخلوها الغرفة تغير لونها وبدأت تلفظ أنفاسها ، وبعدها أخبرت ابنة الضحية الراقي الجاهل ، بأن والدتها قد وافتها المنية ، فأجابها بكل برودة بأن (الجني هو من مات) وليس والدتها، ليكتشف بعد لحظات أن سبب الوفاة هو نزيف دموي حاد في الصدر جرّاء ضغطه بقدمه على صدرها. وتبين أنه يمارس الرقية دون مراعاة ضوابطها الشرعية، باستعماله العنف وعدم حفظه القرآن الكريم سوى الآيات المتعلقة بالرقية ، وأنه ذو مستوى ابتدائي ، وقد عمل في مجالات كثيرة فشل فيها ، ولم يجد حلا سوى الرقية التي أصبحت مهنة مربحة للكثير من الأشخاص. كل من هب ودب يرقي.. هذه مجرّد عينات بسيطة لجرائم كثيرة تحدث باسم (الرقية الشرعية) ، التي دخل مجالها اليوم كل من هب ودب ، ممن يطلق لحية ويرتدي قميصا ، رقاة غير أكفاء لا يعرفون أصولها ، و همّهم الوحيد هو جمع الأموال على حساب الناس الذين يئسوا من الشفاء ، فتوجهوا إلى رقاة حمقى ليضربوهم، من حيث أن يريدون أن ينفعوهم . يقول أحد الأئمة أن الرقية الشرعية الصحيحة مفهوم واسع لابد من إعادة النظر فيه جذريا ، فعلى سبيل المثال توجد أمراض تعالج عند الطبيب ، لكن الناس يتوجهون إلى الرقاة لعدم وعيهم، أما فيما يخص مهام وزارة الشؤون الدينية لدرع هذه الظاهرة ، فقد أصدرت قرار بمنع الرقية داخل المساجد في أوقات العمل، وبعدها من المستحيل أن تتدخل في الأمور الشخصية للأئمة ، كما تدعو ذات الوزارة إلى عدم الثقة بهؤلاء الرقاة المزيفين، وترى أنه من الضروري على وزارة الداخلية التدخل للقضاء على هذه الظاهرة. وخلاصة القول أن قتل الناس باسم الله وتحت غطاء كتابه الكريم جريمة كبرى في حقه، لأنه يزعزع إيمان الناس وثقتهم بكتاب الله من جهة ،ويقوي تكالب اليهود والنصارى على الإسلام وأهله من جهة أخرى ، بعد أن يمنحهم بعض الرقاة الجهلة فرصة ثمينة بسلوكاتهم الحمقاء هذه للطعن في الإسلام ، وإظهاره كدين للدجل والشعوذة والخرافات، حيث يقتل المعالجون بكتاب الله ضحاياهم، كما يغرق المسلمون في إتباع الرقية كحل سحري وحيد لأمراضهم على حساب الطب النفسي والطب العصري، فلينسحب الرقاة غير المؤهلين وليكفوا عن المتاجرة بكلام الله ، وليكف المسلمون عن التردد على (عيادات) هؤلاء لعلاج الصداع والقلق وشتى الاضطرابات النفسية ، التي يفسرونها خطأ على أنها مس من الجن أو سحر أو عين