أجمع الحاضرون لمداخلة الكاتبة الأديبة والفنانة التشكيلية حفيظة ميمي حول " رحلة المرأة مع الفن في منطقة الأوراس من الفنون التقليدية إلى الفن التشكيلي" التي قدمتها بقصر رياس البحر في نهاية فعاليات المهرجان الرابع لإبداعات المرأة الذي نظم هذه السنة على شرف الفخار والخزف الخزف الفسيفساء والنحت ،على أنها كانت في مستوى تطلعاتهم وأنها كشفت الغطاء عن عديد التساؤلات التي كانت تساورهم . بدأت ميمي رحلتها العلمية والمعرفية مع الفن في منطقة الأوراس ( المرأة الأوراسية كنموذج عن المرأة الجزائرية ككل ) من خلال هذه الفنون التي تم استخدامها –مثلما قالت – كوسيلة لتلبية حاجيات عائلتها كصناعة الزرابي ، الأغطية كالحنابل والألبسة الصوفية كالقشابية والبرنوس وصناعة الفخار والأواني والطواجين وكصناعة الدمى للبنات ،أعمال ضمنتها المرأة الشاوية أفكارها وألبستها أحاسيسها من خلال رسم الكثير من الإشارات والرموز والأشكال الأمازيغية ، هذه المرأة التي كانت تحضر خلط الألوان وابتكار وصناعة الأدوات اللازمة بطريقة تقليدية بسيطة ،وقد ساعدت وساهمت هاته الفنون التقليدية المتوارثة من التأسيس لقاعدة فنية متينة بالمعنى الحديث لمفهوم الفن ، بنيت على إثرها وفوقها أنواع كثيرة من الفنون التشكيلية بلور توجاهاتها افتتاح مدرسة الفنون الجميلة بباتنة سنة 1987 وما تلاها من ملحقات بالولايات المجاورة في الأوراس الكبير ، فكانت أعمال فنانات و فناني المنطقة مطبوعة بسمة هائلة من التراث القديم الذي كان ولا يزال بمثابة الخلفية والإطار المرجعي، فنون تقليدية كانت ولا تزال تمارسها إلى اليوم المرأة الأوراسية . قسمت ميمي محاضرتها إلى عشرة محاور مع محور أخير ضم المراجع ،انطلقت بعد مقدمتها إلى مدخل عن قصة الإنسان والفن والمرأة والفن فقالت بأن كل النساء فنانات بدون استثناء حتى وان كن لا يمارسن أي فن معروف ، في حين أن بعض الرجال فقط هم الفنانون وقد استمدت نسبة كبيرة منهم فنها وإلهامها من المرأة طبعا أي من " الفنانة الأولى بالطبيعة " ويبقى حديث ميمي الفنانة مفهوما طالما هي إمرأة من جهة وفنانة أيضا ،وأكملت حديثها عن الفنانة بشكل مضاعف ،تحدثت عن باية محي الدين، عائشة حداد وغيرها ، وعمدت بعدها إلى الوقوف عند تعاريف للفنون التقليدية ، فقسمتها إلى فنون زمانية وأخرى مكانية ، فالزمانية التي لا ترتبط بزمان محدد كالموسيقى والغناء والرقص والشعر والأمثال والقصص والأساطير وكل ما يتصل بالتراث الشعبي والأدب الشفاهي والمأثورات الشعبية ، أما الفنون المكانية تشمل جميع الفنون التشكيلية والصناعات والحرف اليدوية كالرسم والنحت والزخرفة وفن العمارة والحدادة والنجارة والحياكة والتطريز والفخار والنسيج . ثم عرجت على الفنان التقليدي فقالت بأن له وظيفة معينة ، وجميع أعماله الفنية تستخدم كوسيلة أو أداة للعيش والعمل فهو حسبها فنان ملتزم أما م مجتمعه ، لا يعمل من أجل قتل الفراغ فهو لا يؤمن بفكرة " الفن للفن "، ولا من أجل إشباع حاجة نفسية أنانية كالتسامي بالمفهوم الفرويدي "، وولجت بعد ذلك ميمي إلى عوالم المرأة الأوراسية وممارسة الفنون التقليدية ، كصناعة الفخار ، صناعة الزربية ،مفتوح اللوحة أو زخرفة لوحة " القراية " ( تزويق لوحة الطالب للقرآن ) ، صناعة الدمي ، كما تطرقت بعدها إلى اختيار الألوان عند المرأة الأوراسية ، واختيار الأشكال والرموز لديها ، صناعة أدوات الرسم ،ثم خصصت بعدها ميمي قسما من محاضرتها حول المرأة الأوراسية والفن التشكيلي ،ثم ها هي ميمي تزف بلوحاتها كفنانة أوراسية .وختمت ميمي مداخلتها بخاتمة السياسة الثقافية لا تساير الإبداع الفني الرفيع المتنامي للمرأة وقد أعقب مداخلة ميمي حفيظة نقاش جاد ومستفيض وقد أجمع من حضرها على أنه محاضرتها كانت حسب المتتبعين أفضل محاضرة في مهرجان إبداعات المرأة الرابع على الاطلاق ، المهرجان الذي كرس للفخار الخزف والفسيفساء والنحت ، وقد أشتكت ميمي في تعقيباتها من قلة المراجع التي تتحدث عن الموضوع وتمنت أن يكون هناك باحثون مختصين من الجامعات والمعاهد حتى يعطوا الموضوع حقه ، وتمنت أن يتم تشجيع المواهب وأن تأخذ إبداعات المرأة ومنتوجاتها الطابع التجاري للوصول إلى العالمية كما هو الحال في الزربية الإيرانية ، وقد رأى البعض ممن حضر اللقاء عن وجوب متابعة إبداعات المرأة لسياسة تضمن لها التسويق والاستفادة من منتوجاتها لضمان الاستمرارية ،ومن جهته ثمن الفنان الملهم والشاعرالكبير،الكاتب والفنان التشكيلي ياسين وليد عزوز الجهد المبذول خلال هذه البحث للفنانة ميمي ،وأردف بأن الزربية الإيراينة أصبحت بمثابة الشارة أو الراية التي لا تسقط لان هناك في هذا البلد سياسة متابعة للإنتاج حتى يزدهر ولا يتراجع ،وأكد بأن الإبداع في البلد هو أرفع مستوى من التسيير ، كما لاحظ بأن أعمال وإبداعات المرأة الجزائرية فاقت في جوانبها التعبيرية والجمالية والفكرية مشاركات الفنانات الأجنبيات ، ورأى بوجوب أن تكون هناك سياسة قوية واعية لديها معرفة ومشبعة بثقافة تسيير الإبداعات لضمان بقاء هذه الفنون التقليدية ،وقد رأى البعض أن البحث المقدم بإمكانه أن يتحول إلى مشروع كتاب أو فيلم وثائقي يستفيد منها الجميع . للعلم فإن حفيظة ميمي هي أديبة وإعلامية وفنانة تشكيلية لها عديد المساهمات في الملتقيات والمهرجانات ،حاصلة على عديد الجوائز داخل الوطن وخارجه ،كرمت " كامرأة متميزة سنة 2000" من طرف فخامة رئيس الجمهورية عبد العزيز بو تفليقة .ففي مجال شغلت محافظة صالون النحت الجزائري بباتنة سنة 2010 ، أمين عام لجمعية " بريزمة " للفنون التشكيلية بباتنة ، أمين هام للمؤسسسة الأوراسية للعلوم والفنون والثقافة ،أشرفت على ورشة رسم للأطفال بالمركز الثقافي الإسلامي بباتنة للموسم ( 2010 -2011)