يرى الدكتور مرزوق العمري، أستاذ بجامعة باتنة، أن النص الديني اليوم بحاجة إلى قراءة جديدة و سليمة تسير وفق مناهج وأطر دينية و إنسانية، مشيرا إلى أن النص الديني هو خطاب تاريخي لا يتضمن معاني متفرقة. و أوضح مرزوق العمري خلال الندوة الفكرية التي نظمها فرع الجزائر العاصمة لإتحاد الكتاب الكائن مقره بشارع ديدوش مراد و التي قدم خلالها الدكتور كتابه الجديد " إشكالية تاريخية النص الديني في الخطاب الحداثي العربي المعاصر ...مقاربات فكرية ". وردا على ما يروج له بعض الدعاة و الفلاسفة الذين يؤكدون على تاريخية النص القرآني، أن الخطاب الإلهي خطاب تاريخي لا يتضمن معنى مفارقا له إطلاقية المطلق، لأنهم استعملوا مناهج مستوردة منقولة في قراءته، ومقتضيات هذه القراءة لا تتناسب مع مقتضيات الممارسة التراثية ولا مع الاجتهاد الديني، مشيرا في الوقت ذاته أن هذا التيار الذي يشتغل بهذه المناهج ويملك هذه الرؤية يشكله جماعة من المفكرين برزوا كمفكري العصر مثل محمد أركون، نصر حامد أبو زيد، محمد عابد الجابري، حسن حنفي وغيرهم من العلماء الذين تزعموا هذا الفكر، والذين تبين كتباتهم أنهم قرؤوا النص الديني من خارجه، وبأدوات ومناهج غريبة عنه كمناهج غاستون بشلار، ميشال فوكو، جاك دريدا، وغيرهم من المفكري الغرب وفلاسفته الذين تميزوا بأبحاثهم في هذا الميدان، خاصة بعد تأسيس المدرسة البنيوية التي كان لها منهجها الخاص في دراسة النصوص الدينية وغير الدينية، ومن بين المبررات التي أتوا بها هؤلاء العلماء لتأكيد مصداقية ما اتجهوا إليه يضيف ذات المتحدث أن القول بتاريخية النص الديني مظهر من مظاهر التحديات التي يجابهها العقل المسلم، وذلك من خلال محاولة الخطاب الحداثي بيان أن النص الديني لا يعد أن يكون وضعا بشريا يناسب مرحلة الطفولة العقلية للإنسان، أو أنه نتاج ثقافي أفرزته أوضاعا اجتماعية وثقافية معينة غير الأوضاع الراهنة، مبررين ذلك بأن العقل البشري وصل إلى مستوى جد متقدم من الوضعية التي تجاوزها هذا العقل الصبغة اللاهوتية التي هي صبغة العقل الديني الذي مرجعيته النص.، ويرى المحاضر أن هذه الرؤية مادية بعيدة عن روح الإسلام والخطاب الإسلامي، وأنها تعد بينة الخطورة لما لها من دعوة إلى الانفصال عن النص وتصادم مع الدين، كما يتجلى القول حسبه بتاريخية النص أيضا كتحد في محاولات تأويل النص التي تسعى إلى ربط النص بسبب نزوله واعتبار علة لا مناسبة، إن هذا الحكم الذي قيل به في مجال الأحكام الشرعية والنظم الأخلاقية والقواعد التي يستعان بها في مجال الاستنباط يقول العمري سحب أيضا على القواعد في الخطاب الحداثي وهنا تتجلى كما قال الخطورة لأن في ذلك حسبه محاولة للانفصال عن العقيدة الإسلامية، وتأسيس تصور مناهض للتصور الإسلامي، وأضاف " إن بتاريخية النص الديني، قول متهافت لما يحتويه من مفارقات فمن جهة يتعامل مع نص له خصائصه بمنهج وآليات غريبة عنه، وهذا غير ممكن لأن الممارسة القرآنية المتعلقة بالنص الديني الإسلامي لها آلياتها الأصيلة، ويدخل في التناقض فمن جهة هو خطاب يرفض الدينية ويعتبرها غير علمية، ومن جهة أخرى يقف أرضها وينطلق منها". وخلص المحاضر إلى أن الهدف المتوخى من هذا الكتاب ضبط إشكالية تاريخية النص الديني كمصطلح وكإشكال حداثي، وكذا تحديد كيفية تعامل مع الخطاب الحداثي مع النص الديني ، ومدى ملائمة ذلك مع المعايير القديمة التي وضعها علماء الإسلام، مع تحديد الرؤية الحداثة للنص الديني، والوقوف على انعكاسات القول بالتاريخية على العقل المسلم، وعلى الواقع الإسلامي.