يرى الروائي أحمد طيباوي الحائز على المرتبة الثالثة لجائزة "الطيب صالح" العالمية للإبداع الكتابي عن عمله الروائي "موت ناعم"، أن الجائزة هي تأشيرة مرور لدخول إلى عالم الإبداع، وقال أنها تضع الكاتب في بداية الطريق، من خلال منحه فرصة جديدة ليتواجد في الساحة الأدبية. وأضاف أحمد طيباوي، أن الجائزة التي تحصل عليها مؤخرا والتي سبق وأن منحت للروائيين الجزائريين هاجر قويدري وإسماعيل يبرير، أنها ستقدم خدمة إضافية للكاتب الجزائري وذلك بتعريفه للقارئ العربي، وهو هدف كل مؤلف يشارك في مثل هذه المسابقات التي تمنح الشباب فرصة البروز في الساحة الأدبية التي كانت حبرا على كبار الأسماء فقط. وبخصوص النقد اللاذع الذي وجه مؤخرا لجائزة البوكر يقول المتحدث "إن كل ممول لمسابقة معينة له الحق أن يضع المعايير والمقاييس التي يراها مناسبة ولا يحق لأي كان نقدها خاصة ممن يرشحوا أعمالهم للظفر بها". وعن هواجس دخوله لعالم الكتابة واحترافه للغة التي أهلته لنيل هذه الجائزة يقول المتحدث، أن دخوله جاء متأخرا في سن ما بعد الثلاثين، رغم أن له بعض المحاولات المحتشمة التي اعتبرها تمارين للكتابة، ليكتشف بعد هذا السن موهبته في الكتابة التي صقلها بقراءته الكثيرة وبشغفه للمطالعة التي كانت تشمل مختلف أصناف الإبداع الأدبي على غرار الشعر، القصة القصيرة، والرواية العربية التي تأثر كثيرا بروادها على غرار نجيب محفوظ وسباعي وغيرهم، هذه المطالعة يقول المتحدث ساعدته في الإلمام بالمبادئ الأولية للبناء السردي، كما سمحت له أن يخوض أول تجربة ويكتب رواية "المقام العالي" التي حاز من خلالها على الجائزة الأولى في مسابقة على معاشي سنة 2011، والتي حفزته هي الأخرى للبحث أكثر في تقنيات الكتابة والبحث عن الأدوات التي تستهوي وتجذب القارئ، لتأتي بعدها تجربته الثانية وهي رواية "مذكرات من وطن آخر" التي كتبها سنة 2012. وفي هذا السياق أشار المتحدث إلى الأساسيات التي يعتبرها العمود الفقري لنجاح أي عمل الإبداعي وقال "إنه من الضروري أن يلم الكاتب بعد موهبته التي يصقلها من التراكم المعرفي، بالظروف الحياتية للمجتمع الذي يود الكتابة عنه في جميع النواحي، أي أنه يلم بالملامح العامة والأساسية للحياة الموجودة في ذلك المجتمع، هذا إلى جانب البحث في أدوات الكتابة وتقنيتها التي تطلب الاجتهاد في كيفية توظيفها ووضعها في قالب سردي خاص به". ومن جانب أخر تطرق أحمد طيباوي إلى كتابة الرواية التي تمثل حسبه فسحة للتعبير عن رؤيته الخاصة حول مجتمع معين أو قضية معينة، وأن هذه الرؤية التي يعمل على تجسيدها وتقديمها للقارئ تتطلب من الكتاب تحديد مسار زمني لها واستحضار أحداث وأشخاص من الواقع حتى تتدعم تلك الرؤية بما هو موجود، مشيرا إلى أن هذا ما اعتمد في روايته "موت ناعم" التي نال بها المرتبة الثالثة لجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي، والتي استضافه لأجلها فضاء "صدى الأقلام" الذي احتضنه المسرح الوطني أول أمس احتفاء بها. كما تطرق الروائي في معرض حديثه إلى فكرة الرواية التي كتبها في فترة ما بين فيفري 2013 وماي 2013، وذكر أن العنوان يختصر قصة الرواية التي لا تعني الموت البيولوجي بل الموت البطيء الذي يأتي بعد فقدان الأمل، ونهاية الطموح، عندما يصبح العيش مجرد عيش وليس حياة، وأن هذه المآسي اختصرها في قصة "سعاد" أستاذة جامعية ابنة مدينة "مليانة" التي اختارت بعد وفاة والدها أن تسير عكس التيار وتحاول أن تثبت نفسها، غير أن القدر يقودها نحو الهجرة في خط سير يشبه الموت البطيء الذي يريد كسر قدر الأنثى التي شبّهها بالصمت الذي يحدث ضجة، ويقول أن اختياره لمدينة مليانة لم يخطط له بل جاء لارتباط ذاكرته بها رغم أنه لم يزرها إلا مرة واحدة.