عاش الشيخ المغيلي في القرن التاسع الهجري بتلمسان، وبالمغرب العربي عامة، وكان عصره عصر نشاط وازدهار ثقافي رائع، كما كان القرنان: الثامن والسابع قبله، وقد نبغ في عصره عدد كبير من الأعلام الذين ازدان بهم القرن التاسع الهجري، من فقهاء ومحدثين ومفسرين وكتاب وشعراء ومؤرخين وغيرهم.. وفي هذه البيئة الثقافية نشأ المغيلي ومن مناهلها كرع، ولا شك أن تأثيرها فيه كان كبيرا. بدأ دراسته الأولى بتلمسان، ثم هاجر إلى مدن القطر الأخرى، وأخذ العلم بها عن أهلها، وممن أخذ عنهم من أعلام ذلك العصر: الإمام العلامة الجزائري عبد الرحمن الثعالبي المتوفى سنة: 875 ه بالجزائر، والشيخ الجليل يحي بن يدير وغيرهما. آثاره العلمية كان الإمام المغيلي علامة في المنقول والمعقول، وكثير التأليف، سيال القلم، مشهورا بالشرق والغرب، ومن مؤلفاته، التي ذكرها مترجموه: البدر المنير في علوم التفسير، شرح بيوع الآجال من كتاب أبن الحاجب الفقهي. تأليف في المنهيات، مختصر تلخيص المفتاح وشرحه في البلاغة، شرح الجمل للخونجي في المنطق، مقدمة ومنظومة في المنطق، وله عليها ثلاثة شروح، تنبيه الغافلين عن مكر الملبسين بدعوى مقامات العارفين، شرح خطبة المختصر، مقدمة في العربية، كتاب الفتح المبين، عدد من القصائد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، وفي غيره من الموضوعات، رسالة (مصباح الأرواح في أصول الفلاح). مراسلته للإمام جلال الدين السيوطي: وقع بين الإمام المغيلي وبين الإمام جلال الدين السيوطي بمصر، نزاع ومناقشة حول قيمة علم المنطق، فكتب إليه الإمام المغيلي رسالة ضمنها قصيدة حاجه فيها على تنفيره من دراسة المنطق، مع أنه الوسيلة الضرورية لإدراك الحق، فقال في قصيدته: سمعت بأمر ما سمعت بمثله *** وكل حديث حكمه حكم أصله أيمكن أن المرء في العلم حجة *** وينهى عن الفرقان في بعض أمره هل المنطق المعني إلا عبارة *** عن الحق أو حقيقة حين جهله معانيه في كل الكلام فهل ترى *** دليلا صحيحا لا يرد لشكله أريني - هداك الله - منه قضية *** على غير هذا تنفها عن محله ودع عنك ما أبدى كفور وذمه *** رجال وإن أثبت صحة نقله خذ الحق حتى من كفور ولا تقم *** دليلا على شخص بمذهب مثله عرفناهم بالحق لا العكس فاستبن *** به لا بهم إذ هم هداة لأجله لئن صح عنهم ما ذكرت فكم هم *** وكم عالم بالشرع باح بفضله وأجابه الإمام جلال الدين السيوطي بقوله: حمدت الله العرش شكرا لفضله *** وأهدى صلاة للنبي وأهله عجبت لنظم ما سمعت بمثله *** أتاني عن حبر أقر بفضله تعجب مني حين ألفت مبدعا *** كتابا جموعا فيه جم بنقله أقر فيه النهي عن علم منطق *** وما قاله من قال من ذم شكله سلام على هذا الإمام فكم له *** لدي ثناء واعتراف بفضله وتدلنا هذه المساجلة الطريفة، على الاتجاه العقلي، الذي كان سائدا في القرن التاسع الهجري، الذي تأثر به الشيخ العلامة المغيلي. يتبع...