اختتمت نهاية الأسبوع الماضي فعاليات الملتقى الوطني السابع للشعر الفصيح بمدينة الوادي الذي امتدّت فعالياته لمدّة ثلاثة أيام:28،29،30 أفريل، والذي كان موضوعه الرئيس "المديح النبوي في الشعر الجزائري"، وقد كان الشاعر والكاتب حمري بحري ضيف شرف فيه. كانت جلسة الاختتام بالمركز الثقافي بمدينة قمار في قاعة المتحف حيث كانت الجلسة شبيهة بعرس ثقافي ديكوره القاعة المستديرة التراثية التي تعلوها القبة الصحراوية، والجدران الجبسية بلمسات العمارة الصحراوية، والحضور من شعراء ومثقفين محليين برفقتهم الدكتور حسن مرموري مدير الثقافة بالولاية، إلى جانب المطربين والعازفين، كما كان حضور الشعراء من ولايات الوطن مميّزا من ولاية تمنراست وتيارت، والمسيلة، وتبسة، إلى الجلفة، ومستغانم، ووهران، البويرة ،... كما كان الشعر التونسي والمغربي حاضرا ممثلا بشاعرة متميزة من المغرب، و آخرين من تونس، ليكون الملتقى السابع للشعر مغاربيا بحقٍّ. في هذه القاعة ذات النمط المعماري الصحراوي ترافق فيها الإلقاء الشعري الفصيح والشعبي، العمودي، ذو التفعيلة ، بالعزف، وبين هذا وذاك كان الفنان عبد الرحمن غزال بعوده، وبرفقة العازف لطفي حمدان يمتع الحضور بوصلات غنائية من الطرب الأصيل. ممّا رسّمته مديرية الثقافة بالوادي في كل ملتقى شعري أن يكون هناك ضيفُ شرفٍ له باعٌ طويل في الإبداع الأدبي الجزائري، أو العربي يُحتفى به ويُكرّم في الجلسة الختامية للملتقى، حيث كان ضيف شرف هذه الطبعة الأستاذ ، الشاعر، و الإعلامي، حمري بحري الذي يُعدّ قامة من قامات الثقافة الجزائرية المعاصرة ، وكان ولا يزال من جيل المثقفين والمبدعين الذين حملوا همّ الوطن بعد الاستقلال، والدفاع عن هُويّة الأمة الجزائرية من خلال المنابر الثقافية والإعلامية، فالأستاذ حمري بحري كان ضمن هؤلاء الذين صنعوا فضاءات جميلة للتواصل، والتلاقي، وتنظيم الملتقيات، والندوات الفكرية، والحوارات الفكرية العميقة في المشهد الثقافي الجزائري والعربي ، فضاءات كانت ولا تزال في الذاكرة الثقافية الجزائري مصابيح، و تثمينًا لهذه المسيرة الشعرية الثقافية، يكرّم في ملتقى الشعر الفصيح كضيف شرف تعريفًا به، وبسيرته، وبمساهماته الفكرية وإصداراته. و حول رؤيته للشعر، قال في مقال له، أن الشعر أرقى أنواع التعبير عندنا وعند غيرنا من الأمم الأخرى، ففيه تبلغ اللغة مداها ، في شحن الكلمات ، واخراجها من صياغاتها المألوفة ، ليمنحها القدرة على تشكيل وإعادة تشكيل طريقة القول المخالف ، الذي يفتح في الذهن بشكل مفاجئ ، المعنى الذي تولده الصور، لأن الشعر في حقيقة الأمر، هو التعبير بالصور ، التي تشكل في ذهن القارئ أو السامع ، فكرة تقود إلى فكرة أخرى ، وكلمة شعر جاءت من الشعور الذي تتركه القصيدة فينا ، من أحاسيس تغيرنا من الداخل ، وتدفع بنا إلى رؤية ما لم يكن في الحسبان، بمعنى أن الشعر، ما لم يحركنا من الداخل ، فهو ليس بشعر . هكذا يبدو لي –يقول الشاعر- أن مهمة الشعر ، هي شحن مشاعر الناس ، بالحب والمثل النبيلة ، و النزول إلى انشغالات الناس وهمومهم، وهم في شتى أوضاعهم، ومن هنا يمكن أن نطلق على هذا الشعر ، شعر المقاومة . الشعر تعبير عن الذات، وعن ما هو خارج الذات أيضا ، وقد تنسكب ذات الشاعر ، في ذوات الآخرين ليفتح أعينهم عن واقع غير متوقع، لم يكن في حسبانهم ، أو هذا ما كان يود أن يقوله كل واحد منهم في قرارة نفسه ، صحيح أن الشعر كشف لطرقات النفس المظلمة ، وهو أيضا كشف لشرور الإنسان الذي يرى المتعة في إلحاق الأذى بالآخرين . ماذا يقاوم الشعر اليوم، إذا لم يقاوم الفساد السياسي بمختلف أشكاله في الوطن العربي ، وعلى هذا الأساس ينبغي أن نعيد النظر في مفهوم المقاومة ، ونحررها من قيدها لتتجاوز نفسها إلى ما هو أوسع وأشمل في حياتنا اليومية ...ثم ألا تحتاج مظاهر الفساد الى مقاومة تتجلى فيما يكتبه الكتاب من شعر وقصة ورواية ... يشار إلى أن حمري بحري هو كاتب وشاعر وصحفي جزائري ولد في بيئة ريفية، وفي أسرة محافظة؛ مارس التدريس، ثم التحق بالصحافة، بالإضافة إلى عمله في التعليم وفي الصحافة الجزائرية ، مثل الجزائر في كثير من المهرجانات والتظاهرات، من مؤلفاته، ما ذنب المسمار يا خشب، أجراس القرنفل ( شعر)، الرّجم بالكلام ، الكتابة بماء الخشب والكتابة بماء الذهب، مسالك الكلام.