يتخذ بعض الخطيبين قرارا بالانفصال بعد فترة خطوبة واتفاقهما على الزواج، وربما بعد تجهيز ما يلزم للعرس، فيقرر إحداهما أوكلاهما الانفصال قبل الزواج، لتواجهها علامات التعجب والرفض أحيانا من قبل الأهل والمجتمع، فهل يعد هذا القرار تدمير لعلاقة كانت على وشك أن تدوم أم أنه إنقاذ قبل أن تقع الفأس بالرأس على حد تعبير المؤيدين لهذا النوع من الانفصال، فضلا عن الخسائر المادية التي تنجم عنها، وما وجهة نظر أصحاب الشأن والمجتمع حول هذا القرار. لكن غالبا ما يرفض الطرف الآخر أو المجتمع ذلك القرار ويرون فيه نوعا من لا مسؤولية والاستهتار، دون الوقوف على أسبابه ودوافعه الخفية، ليدخل الطرف الذي أعلن الانسحاب في مواجهة مع الطرف الآخر وعائلته وكل المحيطين من حوله. إنقاذ قبل وقوع الفأس بالرأس يرى الكثير من الذين خاضوا التجربة ممن تحدثنا إليهم أن اتخاذهم لقرار الانفصال ليس بالأمر السهل في مجتمعنا، لكنه قرار كفيل ليحدد مصيرهم ومستقبلهم، وهم المخولين له، حيث اعتبرت شيماء التي تمت خطبتها منذ عام تقريبا على أحد أقاربها واستمرت الخطوبة خمسة أشهر ثم قررت الانفصال، حين اكتشفت عدم انسجامها مع الطرف الثاني واستحالة التوافق بينهما، وقد حمدت الله كثيرا أنها من أسرة تسمح بفترة خطوبة حيث لا تسمح بعض العائلات بذلك، مضيفة: "وبالرغم من معاناتي في تبرير موقفي لأسرتي، إلا أن الأمر في النهاية كان لصالحي فالحياة مع شريك يعيش في عالمه الخاص وحقيقة لم أصل إلى قراري بسهولة، حيث سبق إعلان القرار الكثير من التفكير والحيرة والتردد، وأعتقد أن الانفصال في هذه المرحلة أفضل وأسهل منه لاحقاً، ولم يشرع فترة الخطبة إلا من أجل إعطاء فرصة لمعرفة كل واحد الآخر، كما يرى محرز،38سنة، هو الآخر أن الانفصال قبل الزواج على قوله من النعم العظيمة حيث يكتشف الخطيبان مدى تناسبهما، ولكنها يستطرد قائلا: "المشكلة الكبرى في مجتمعنا هي في نظرة التعجب والرفض للشخص الذس يفسخ الخطوية أو يتراجع عن قرار القبول وكأنه ارتكب إثما أو جريمة، في حين أنه أنقذ نفسه والطرف الآخر من آفة الطلاق أو حياة تعيسة بعد الزواج ". منهم من يرجعونه للعين والحسد أو المس والجنون أحيانا غير أن البعض يفسر الأمر على نحو بعيد عن الواقع والحقيقة، ويرجع قرار الانفصال أو التراجع عن قرار الزواج لإصابة علاقتها بالعين أو الحسد بعيدا عن الأسباب الموضوعية التي آلت وراء القرار، حيث أرجعت حليمه،34سنة، أسباب انفصالها عن خطيبها إلى الإصابة بالعين وتصف قصة خطبتها بالعجيبة فلم يكن على حد قولها ما يعوق استمرار العلاقة سوى الحسد والعين، وتعترف أن أسرتها بالغت كثيرا في حفل الخطوبة وأنها مع عريسها كانت تشكل أجمل ثنائي وفجأة وبعد أسبوعين فقط بدأت تلاحظ تغير مشاعر وتصرفات وأحاديث خطيبها إلى أن صارحها بعدم ارتياحه بعدما كان فرحا وتقول إنه انسحب ولم يقدم أي تبرير، فيما استغربت صابرة،25سنة، اتهام البعض لها بالجنون و الإصابة بمس الجني العاشق الذي يرفض زواجها، بعدما طلبت الانفصال قبل عقد الخطوبة بأسبوع واحد، معتبرة ذلك منتهى الوعي والعقلانية، مرجعة سبب الانفصال إلى اكتشافها له بعد الصلاة، وهي التي كانت تلم بزوج ملتزم ومتدين، ولم تحتمل فكرة أن تعيش معه في منزل واحد ، واصفة وقوع الخبر على أهلها بالصاعقة التي جعلت جميع أسرتها يتهمونها بالاستهتار والمبالغة، في حين أنها ترى الأمر بالنسبة لها غاية في الأهمية وتكرر أنها لا تحتمل العيش مع شخص لا يعطي الله حقه فكيف لها أن تأتمن له ، مؤكدة على أنها لم تندم لحظة على خسارتها لعريس ولو بقيت الظهر كله دون زواج. الأهل أول المعارضين للقرار وغالبا ما يواجه الشريكين الانفصال معارضة من قبل الأهل الذين يرون في ذلك القرار مساسا بسمعة العائلة ورجوعا عن الكلمة، أو كما يسميها البعض "كلمة الرجال" ففي نظره أهل الفتاة أن كلمة القبول وموافقتهم على العريس بمثابة عقد رسمي لا يمكن المساس به، كما يجد أهل العريس أن تراجعهم عن قرار الزواج بالفتاة التي باشروا في طلب يدها بمثابة المساس بشرفها واسم عائلتها، وهذا ما شعرت به أم خالد،54 التي تقدمت لطلب فتاة من بيت أهلها بطلب من ابنها، وبعد أن تم القبول من الطرفين وأثناء استعداد العائلتين للعرس تفاجأت بابنها وهو يطلب منها التراجع وفسخ الخطوبة، خبر نزل على أم خالد وعائلته كالصاعقة ووصل بها الأمر إلى مقاطعة ابنها وعدم الرضى عليه، لكن خالد بقي متمسكا برأيه ورفض توضيح الأسباب لوالدته، فيما حدثت القطيعة بين عائلة نجية وأخوها سليم بعدما تراجعت ابنة نجية عن قرار الزواج بابن خالها، بسبب تباعد الشخصيات والأفكار. مختصون يرون: الانفصال قبلا أفضل من حدوثه بعد الزواج والإنجاب وأشارت الاخصائية الاجتماعية مضاوي.ع إلى أن أسباب الانفصال قبل الزواج كثيرة، ومن أهمها وضوح شخصية الطرفين في فترة قبل أو ما بعد عقد الخطوبة، حيث تشكل مرحلة تصادم في شخصياتهما المختلفة ويظهر في هذه المرحلة بطريقة واضحة اختلاف النفسيات وعدم التوافق أو العكس، مؤكدة على أنه في صالح الطرفين لانكشاف الصور الحقيقية واتخاذ القرار بناء على هذه الحقائق، مشيرة إلى أنه بالرغم من ذلك تبقى أمور لا يمكن أن يعرفها طرف عن الآخر إلا بالعشرة، وأن اختلافات المستويات المعيشية أو التعليمية يظهر في هذه المرحلة وكذلك تدخل الأهل في خصوصيات الزوجين لاسيما من طرف أهل الزوج. موضحة أن أسباب الانفصال مسألة نسبية لا يحددها إلا المعنيون بالموضوع لأن ما يشكل معاناة عند بعض من الناس قد لا يعتبره آخرون أمرا مهما، وبذلك لا يشعر بالمعاناة غير صاحبها، كما نصحت الأهل أن يقدروا مشاعر أبنائهم بعيدا عن همهم الكبير في رأي الناس وهي المعضلة الكبرى في مجتمعنا والتي كانت سبب في أفعال كثيرة تحدث عن عدم قناعة لمجرد الحفاظ على الصورة الخارجية بمواصفات معينة، مؤكدة على أن انفصال الشريكين وفراقهما قبل الزواج أفضل من حدوث الانفصال بعد الزواج والدخول والإنجاب، لأنّ الانفصال قبل الزواج يكون الضرر على الزوجين أخف منه بعد الزواج من الناحية النفسية والاجتماعية والمادية .