"الوجهُ الثالث للموناليزا" عنوان باكورة صدرت، مؤخّراً، عن "دار ميم" في الجزائر، متضمّنةً ثماني قصص، هي "الدقيقة الأولى بعد الموت"، و"الوجه الثالث للموناليزا"، و"صوت الصمت"، "وخدعة الأزهار"، و"الكفن الأزرق"، و"صانع الفراغ"، و"رسالة على شاهد"، و"رحل ولم يقل شيئاً". تتطرّق المجموعة القصصية إلى قضايا إنسانية واجتماعية، على رأسها وضع المرأة في مجتمع ذكوري، غير أن المختلف، ربما، هو انطلاق الكاتبة من الإمساك بتيار الوعي في شخصياتها النسوية، والتوغّل في النفس البشرية، حيث تسقط، فجأةً الحواجز بين الواقع والخيال، وتقترب بعض المشاهد إلى الفنتازيا. في إحدى قصص المجموعة، تثير الكاتبة قضية الشباب المغامر في أهوال البحر بحثاً عن الجنة الأوروبية الموعودة، بكثير من الحس التراجيدي، تصوّر حكاية شاب قرّر، فجأةً، أن يركب البحر في جنح الليل، تاركاً وراءه كل شيء، إلا حلم الوصول إلى الضفة الأخرى. وفي قصة أخرى، تنقل القاصّة، بجرعة مكثّفة من التخييل، تلك اللحظات القاسية قبل عملية جراحية دقيقة في القلب، لتضع القارئ أمام جدلية الحياة والموت. في الوقت الذي أخذ الجميع يهاجر صوب الرواية، اختارت عيطوش أن تبدأ عبر القصّة التي كتبتها بكثير من الاشتغال على اللغة، وعن هذا الخيار، تقول، أنها تجد القصّة أقدر تعبيراً على إيصال ما أريد قوله للقارئ، معترفةً في الوقت نفسه بتراجع القصّة مقارنة بالرواية التي غدت نوعاً من الموضة الفنية التي تستقطب الكثير من الكتّاب بحكم ما يُخصَّص لها من جوائز واهتمام إعلامي. بالنسبة إليها، فإن اللغة تمثّل الهاجس الأكبر في كتابة القصة القصيرة، فتقول أنها كانت تتساءل كيف يمكن الكتابة في موضوعات إنسانية كبيرة باقتصاد لغوي، من دون إهمال الجوانب الفنية، أمّا الهاجس الآخر، فهو"البحث عن رؤية جديدة". بدءاً من عنوان المجموعة، مروراً بعنوانين قصصها، ووصولاً إلى موضوعاتها وشخصياتها، يُلقي الجانب النسوي بثقله في العمل، لكن القاصّة تؤكّد أنها لم تكتب انطلاقاً من هذا الأساس، فصحيح أن المرأة تحضر بشكل بارز، لكن ذلك أتى صدفةً على الأغلب، فالكاتب في النهاية يستمد موضوعاته وقصصه من بيئته الاجتماعية ومجريات الحياة من حوله.