يبدو أن المخرج غاندي أحمد هشام لم يوفق في التأثير على المتلقي بعرضه " الحلم الأسود " لجمعية " بودرقة " لمسرح البيض، رغم اعتماده على ديكور تراثي جميل وتوظيفه لموسيقى شعبية،واكسسوارات جمالية ايحائية ، ورغم أن الممثل كان قويا من ناحية الأداء الجسدي والتعبيري إلا أنه للأسف بقي متقوقعا في فضاء ركحي مغلق وفكرة واحدة لم يخرج منها منذ بداية العرض، وهو ربما ما أدخل الجمهور في دوامة من الملل وجعل المشاهد تبدو جامدة أكثر منها حيوية، خصوصا مع مساحات الصمت الطويلة التي نالت من النص نيلا كبيرا و أخلطت توقعات الجمهور الذي كان ينتظر الكثير من فريق العمل. مسرحية " الحلم الأسود " التي تحدثت عن وجع فراق الأم أهملت عدة عناصر جمالية كان يمكن أن تضفي الكثير من القوة على النص ، كغياب الأم من المشاهد و الاكتفاء بالصراع النفسي لبطل العرض و بالتالي غياب اللغة الحوارية، حتى خيل إلى المتلقي أنه يشاهد عرضا مونودراميا بحت، ركز فيه المخرج على التراجيديا المأساوية و سوداوية الموت و وجع الفراق، لكن هذا لا يمنع من الإشادة بالاحترافية العالية للممثل مهدي حاجي الذي استطاع أن يوصل إحساسه بالألم للمتلقي، سواء من ناحية التعبير الجسدي أو النفسي، كما أنه تحكم في مساحات الصمت بشكل كبير وحافظ على توازنه في ظل السينوغرافيا التي وظفها المخرج بكل ذكاء و الديكور الشعبي والشموع والبخور وغيرها من الأدوات الجمالية التي عكست البيئة الصحراوية . ومن جهته أكد الناقد المسرحي حميد علاوي أن " الحلم الأسود" أخذ إيقاعا واحد، لم يستطع أن يجعل المتفرج في لحظة تجاوبية وجدانية يعيشها مع هذا العرض المسرحي الذي أغرقنا فعلا في السوداوية وفي الألم ، موضحا أن جميع العناصر الفنية من السّينوغرافيا الجيدة والتوظيف الموسيقي المحلي، والإضاءة ، لم توظف بالشكل الذي كان ينتظره الكثيرون من هذا العرض المسرحي الواعد، كمعايشة ومعانقة حلم كبير وجعل مثل هذه اللحظات الوجدانية الدرامية نافذة أمل على الحياة مرة أخرى بدون السواد الذي أراده صناع هذا العرض،.. كاشفا أن هناك أيضا أشياء جميلة في العرض، كالموسيقى وحتى الحالات الوجدانية التي كان يرتفع إليها الممثل بين حين و آخر.