الشعب الجزائري معروف بمزاجه المتقلب وسرعة غضبه عندما يشعر بالظلم والاهانة فهو على استعداد ان يسر خلفك ويصفق لك بحماس اذا التمس فيك الصدق والوطنية والشجاعة لكنه قد يغير موقفه منك ان راوده الشك فيك بانك تعمل لصالحك على حسابه كما يظن ويتجلى لنا ذلك من خلال دراسة تاريخه الطويل وثوراته وانتفاضاته العديدة منها تلك الثورات التي خاضها ضد الاحتلال الفرنسي لبلادنا الذي اخمدها باستعمال القوة الغاشمة مما جعله يتحول الى النضال السياسي السلمي بقيادة احزاب الحركة الوطنية التي كانت وراء تنظيم مظاهرات الثامن ماي 1945للمطالبة بالاستقلال وسقوط 45ألف شهيد وعند اندلاع ثورة أول نوفمبر 1954عملت جبهة التحرير الوطني على تجنيد الشعب تطبيقا لمقولة الشهيد العربي بن مهيدي رحمه الله الذي قال لهم القوا بالثورة الى الشارع يلتقطها الشعب وهذا ما حدث بالفعل ففي الخامس جويلية 1955خرجت المظاهرات الشعبية في ذكرى الاحتلال في يوم عظيم تلتها مظاهرات 11ديسمبر 1960ومظاهرات 17اكتوبر1961في العاصمة الفرنسية باريس وعندما اشتبك إخوة السلاح سنة 1962بناحية اولاد بن عبد القادر بالشلف خرج الشعب مناديا(( سبع سنوات بركات) اما في عهد الاستقلال والاشتراكية فالاحتجاجات والاضرابات والمظاهرات كانت ممنوعة خاصة في عهد الرئيس هواري بومدين وكان لحزب جبهة التحرير الوطني والمنظمات الجماهيرية التابعة له دور كبير في تأطير الجماهير في المناسبات والزيارات الرسمية بتنظيم التجمعات والمهرجانات الشعبية المنددة بالاستعمار والامبريالية والمساندة للحكومة ووحركات التحرر مثل الشعب الفلسطيني والشعب الصحراوي ومنذ بداية الثمانينات بدأت الاحتجاجات تظهر ومن اهمها الربيع الامازيغي الذي بدأت أحداثه في 20أفريل1980بعد منع الكاتب مولود معمري من القاء محاضرة في تيزي وزو ثم مظاهرات طلبة الثانويات سنة 1982حول امتحان شهادة البكالوريا الذي انتشرت حوله الاشاعات لكن اخطر الاحتجاجات الشعبية تلك المعروفة بأحداث الخامس أكتوبر 1988التي اطاحت بنظام الحزب الواحد والنظام الاشتراكي وعجلت بدخول الجزائر في التعددية السياسية وحرية الاعلام والتعبير حيث عشنا اياما من الحرية المطلقة وتجاوز كل الممنوعات وانتشرت الاضرابات والمسيرات في مختلف القطاعات وقد لعب برز في الميدان الحزب المحظور (الجبهة الاسلامية للانقاذ )الذي اكتسح الساحة وسيطر على الشارع ونظم مظاهرات ومسيرات واعتصامات في المساجد والساحات رافعا شعار (لا عمل لا دراسة حتى يستقيل الشادلي من الرئاسة ) وفي العشرية السوداء خرج الشعب في مظاهرات (عفوية) للتنديد بالارهاب بتاطير من احزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني قبل ان يستتب الامن ويسود الاستقرار نتيجة سياسة المصالحة والوئام المدني وقانون الرحمة ومن بين الاحجاجات التي حدثت في العقدين الاخيرين حركة العروش في منطقة القبائل بسبب مقتل الشاب ماسينيسا في بني دوالة واحداث غرداية والتي استمرت لشهور كما وقع العديد من الاحتجاجات في البلديات والولايات للمطالبة بتوفير السكن والماء وغيرهما وتم خلالها غلق الطرق بما فيها الطريق السيار شرق غرب وغلق مقرات البلديات والمطالبة باقالة المسؤولين وقد حاولت بعض التنظيمات استغلال ثورات الربيع العربي بالتظاهر في العاصمة لكن قوات الامن تمكنت من تفريقها كما عشنا اضرابات العمال والموظفين للمطالبة بالترقية والزيادة في الاجور خلال مراجعة قانوني العمل والتقاعد وآخرها اضراب عمال التربية والاطباء المقيمين وطلبة المدارس العليا الذي يعتبر اطول اضراب ولم نجد اي تدخل فعلي للاحزاب السياسية والمنتخبين بالمجالس الشعبية البلدية والولائية والبرلمان باستثناء بعض التصريحات التي لا تجدي نفعا فالثقل كله ملقى على كاهل السلطة التنفيذية المتمثلة في الحكومة والوزارات التابعة لها ومن هنا يمكن القول ان حلقة الوصل بين الحكومة والشعب شبه مفقودة ولا يمكن المراهنة على الاحزاب والمنتخبين لتأطير المجتمع الذي يتذكرونه في المواعيد الانتخابية فقط بينما كان حزب جبهة التحرير الوطني قبل التعددية يلعب دورا كبيرا في التوعية والتنظيم والتجنيد ويعمل على حل النزاعات الاجتماعية بالطرق الودية ج س