المتتبع للمشهد المسرحي في الجزائري لا يمكنه أن يمر مر الكرام على بعض العوائق التي باتت تشوه العنصر الإبداعي للعرض المسرحي و تنحرف به نحو متاهات تزيد في حجم الهوة بين المسرح و جمهوره. و من بين هذه المعوقات الدخيلة على البناء الدرامي نجد عنصر اللغة المسرحية ، إذ أنها تعتبر الأداة التي من خلالها تتم العلاقة التبادلية بين المبدع و المتلقي. بحيث ينزل الأول-المبدع- إلى فضاء الثاني-المتلقي- ليرتقي به إلى مستوى الفكرة التي يتناولها النص المسرحي لتوعية الشعب ورفع ذوقه الفني بالأسلوب و اللغة التي تليق بها. و هذه إحدى أسس بناء العملية الدرامية و أحد الشروط الأساسية لنجاحها. مثلها مثل العناصر الأخرى كالحبكة و الشخصيات و الموضوع و الإيقاع و ما إلى ذلك من ثوابت لا يمكن الاستغناء عنها في البناء الدرامي. غير أنه و من المؤسف فقدت اللغة المسرحية عندنا الكثير من جمالياتها و تحولت إلى خليط من التفاهات و كلام الشارع الهابط يرجى منه غرض فقط إضحاك المتلقي بعد الزج به إلى أدنى مراحل الفكر الإنساني و هذا دون المراعاة لكرامة و حساسية الجمهور. هذا الانحراف الخطير عن قيم و أخلاق و إنسانية النص المسرحي حصل لما اقتحم بعض الوصوليين فضاء الفن الرابع دون سابق إنذار و دون أي دراية بأصول الكتابة المسرحية، و راح من هب و دب يثرثر بأسلوب هزيل و ألفاظ يندى لها الجبين، و ابتعدت و تحولت بعض العروض المسرحية إلى مشاهد لا تليق بالعائلات المحافظة بل ينصح من هم دون سن البلوغ بعدم مشاهدتها. و ازدادت الهوة بين المسرح و جمهوره الخاص، الذي أعلن مقاطعته للمسارح، حيث أصبحت قاعات العروض تفتقر إلى جمهورها العريض و هي التي كانت بالأمس الفضاء المفضل للعائلات على مختلف مشاربها. بعد أن ابتعدت جل النصوص المسرحية عن تصوير واقع المجتمع الجزائري، ولم يجد المتلقي في هذه العروض أي استجابة لانشغالاته اليومية. و يبقى السؤال مطروح عمن يقف وراء ظاهرة غياب النص المسرحي الجاد، فهل هي أزمة كتاب لم يسايروا التطور الملحوظ في الكثير من الدول العربية، أم هي أزمة مفتعلة بالرغم من وجود النص المسرحي؟