تدور حيثيات مسرحية * الجرس * التي أنتجتها تعاونية ورشة الباهية للمسرح والفنون بوهران، و أخرجها حبيب مجهري و ألفها بوحجر بودشيش، و أعدّ نصها دين الهناني جهيد في منزل لزوجين يختلفان في الأفكار و الرؤى ،لكنهما يتفاهمان في المصالح التي تربطهما. حبكة المسرحية وبنيتها تتلخّص في كون الزوجة من الطبقة المثقفة وهي طبيبة، تحاول أن تتحرر من سلطة الآخر أو الفكر الذكوري المهيمن على المجتمع، أما الزوج فليس له أي مستوى ثقافي أو تعليمي، غير أنه صاحب مال و ثروة، ويرى أن كل شيء في المجتمع يُشترى بالمال، وهكذا يلتقي الاثنان في المصلحة، الزوجة تبحث عن عيادة خاصة لها، والزوج يبحث عن حياة رائعة مع زوجة جميلة خاصة أنه كبير في السن، حيث رسم لنا المخرج في العرض نوعا من الكوميديا الساخرة التي جسدتها الزوجة في تصرفاتها وطريقة إلقائها للحوار وحتى في خطواتها على الخشبة ، بحيث كانت تحاول إرسال رسائل مشفرة إلى المتلقي على أنها إنسانة ذات مبادئ ، ولكنها في حقيقة الأمر عكس ذلك ، ففي الوقت الذي تدّعي فيه المشاركة في وقفة سلمية للمطالبة بالحقوق الشرعية للأطباء ، تسعى لإقامة عيادة خاصة. أما الزوج فهو إنسان متدين وحاج لبيت الله، لكنه في نفس الوقت يقضي أموره بالرشاوي وشرب الخمر ، بدليل المشهد الذي يصور لنا دخوله إلى البيت، و هو مخمور مخبرا زوجته أنه نجح في تجسيد مشروعها من خلال السهر والمال، وهنا يظهر الصراع الطبقي و الداخلي في المسرحية بين الشخصيتين اللتان تعتمدان أساسا على الكذب لقضاء حاجاتهم، لهذا وضع المخرج لهما أنفا طويلا و هي علامة سيميائية تدل على الكذب مثل ما يظهر في كوميديا * ديلارتي* . إن التناقض الفكري المجسد في مسرحية * الجرس * نابع من الواقع المجتمعي المعاش، و لعلّ المسرحية ذات البعد الاجتماعي والإيديولوجي تطرح أفكارا سياسية واجتماعية ، لعبت العبثية جزءا كبيرا فيها، فالطرح العبثي يتجلّى في انعدام التفاهم بين مثقف وجاهل، إلا أن المخرج استطاع بحنكته وخبرته أن يرسم لنا هذا الانسجام في المصلحة ليقول لنا إن المصالح هي التي تجمع أو تفرق، إن مسرحية * الجرس * هي بناء درامي ذو بُعد عبثي، صراعه بين الكذب و الصدق و الجهل والعلم ، لعب فيها الإخراج الدور الكبير في إيصال رسائلها المشفرة و العلامات الرمزية .