لماذا لا نسمع عن حرب طاحنة و معركة وجودية بين الغاز السام و بني الانسان في الدول المتحضرة التي عادة ما تشهد موجات برد و صقيع و عواصف و ثلوج و فيضانات أضعاف ما يحدث عندنا، صحيح أن هناك حوادث اختناق في تلك الرقع الجغرافية من الأرض لكنها لا تصل إلى المأساة الموجودة عندنا ، نحن لدينا عائلات بأكملهاأبيدتو انتزعت من الخريطة الحياتية ، آباء و أمهات و أطفال و رضع انضموا إلى قائمة لا حد لها من ضحايا الغازات القاتلة المتسربة من مختلف أنواع أجهزة التدفئة و سخانات المياه . فما السبب يا ترى و لماذا نحن الأكثر عرضة للقتل من قبل هذا المجرم الخفي المنفلت من أي عقاب ، هل لأنه يكره الجزائريين و يتآمر عليهم أكثر من غيرهم ، لا بد من وجود أسباب جدية بعيدة عن الشوفينية السخيفة تتمحور أساسا في نوعية ما نستورده و ما نصنعه و ننتجه و في مدى نجاعة أجهزتنا الرقابية بمختلف اختصاصاتها في حماية المستهلك من البضائع المقلدة و الفاسدة و المهددة لحياته و حياة أسرته ، و المسألة لا تتعلق حصرا بالمدفآت و سخانات المياه بل المصيبة أعم و أشمل فكل ما يأكله و يشربه و يلبسه الجزائري اليوم أصبح مثار ريبة و خوف . و السبب الثاني و الذي لا يقل أهمية عن الأول و هو ثقافة المجتمع و مدى منسوب وعيه المرتبط أساسا بدور مؤسسات التنشئة الاجتماعية و الحركة الجمعوية و ممثلي المجتمع المدني و نشاط النخب في كل المجالات و على رأسها الاعلام في إنتاج مواطن مسؤول و متزن عقليا و نفسيا و مطلع على ما يهدده داخل بيته أو خارجه و التوجيهات و الإرشادات التي لا بد من تبنيها لحمايته و بالتالي حماية مجتمع بأكمله .