"تتنحاو ڤاع و نترباو ڤاع" شعار جديد حمله مؤخرا الكثير من الناشطين في الحراك الشعبي العظيم ، قد يبدو صادما و مبهما– و الحديث هنا عن الشق الثاني من الشعار أما الأول فقد وقع الإجماع عليه – فما دخل التربية بالمطالب السياسية وبالمرحلة الانتقالية و بتنحي الباءات و شقيقاتها قد يتساءل البعض ، إلا أن من حملوه عاليا و بحّت أصواتهم بترديده يعرفون أن الثّورة في مفهومها البسيط تعني الخروج عن الوضع الرّاهن وتغييره جذريا باندفاعٍ يحرّكه عدم الرّضا والتطلّع إلى الأفضل ، و التغيير لا يتوقف فقط عند تبديل أسماء و شخصيات مهما كانت درجة فسادها و استبدادها لأن الاكتفاء بذلك ما هو إلا عملية تجميلية سطحية تنفع منظومة الفساد أكثر مما تضرها فهي تتيح لها فرصة رسم ملامح جديدة بوجوه و أقنعة كانت تنتظر دورها على قائمة الاحتياط ، و بالتالي فإن الثورة الحقيقية هي التي تقتلع منظومة قيم و مفاهيم أضحت بالية و غير صالحة للاستهلاك و تهدد سلامة الصحة المجتمعية النفسية و العقلية ، وأنه لا بد من استبدالها بمنظومة أخرى تشمل كل القطاعات و الفضاءات مبنية على الأخلاق السامية و المبادئ الإنسانية العالية التي تتسع للجميع و تحتوي الجميع باستثناء الملطخة أيديهم بخيانة الوطن . " نترباو قاع " تخاطب أصحاب المآزر البيضاء الذين عليهم أن يرسخوا قيم الأنسنة في عملهم ، تتحدث مع المشتغلين بقطاع العدالة على أن القضاء المستقل و النزيه أساس الحكم الراشد ، تقول للمشرفين على المناهج التربوية و العلمية أن وقت التجارب المخبرية على التلاميذ انتهى ، كما يجب أن لا تكون الجامعة مجرد مبنى جميل يطبع و يوزع الشهادات على الطلبة . " نترباو قاع " ترشد الواقفين على المنابر في المساجد أن خطابهم بحاجة إلى تجديد و إبداع يتماشى ومتطلبات العصر وأن الدين مقدس فلا يستغل في المدنس ، تقول لأصحاب الإعلام والأقلام والثقافة والأدب تحملوا مسؤولياتكم الوطنية في تكوين عقول سوية و فكرا منتجا بعيدا عن الشطحات الضيقة ، تأمر أصحاب الرياضة بالتحلي بالروح الرياضية ، تؤكد لرجال الأعمال أن الاستثمار و الخوصصة لا يعني نهب المال العام، تنتخب ممثليها في المؤسسات الشعبية و الدستورية على أساس الكفاءة والتخصص وليس بناء على الولاء و الوفاء أو الانتماءات الجهوية و العشائرية والعرقية، ترى في رئيس الجمهورية موظفا منتخبا و ليس ولي نعمة أو صورة مقدسة و يخضع كأي مواطن لأحكام القانون، وفي الأخير ترسخ ثقافة أن الجزائر مبنية على أسس المواطنة و أن التعددية هي الركيزة الأساسية للوحدة الوطنية .