الخبز، المادة الأساسية الاستهلاكية التي ليست حكرا على الجزائري، بل تعدّ قاسما مشتركا بين جميع شعوب العالم، لكن بتفاوت متباين في نسبة الاستهلاك... فالأوروبي له ثقافته الغذائية التي تربّى عليها منذ الصغر حتى الكِبر. والعربي له كذلك نمطه الغذائي الذي سار عليه منذ نعومة أظافره وكلّ في ذلك مميزات وخصائص تجعل من الخبز سيّد الموائد عندنا طبعا بلا منازع.. لكن ما يدعو إلى الغرابة والاستهجان هو أنّ هذه المادة الغالية الثمن في الأسواق العالمية لأنّها بالمختصر المفيد، قمح يسعّر في البورصات العالمية ليتحوّل بعد ذلك إلى فرينة في المطاحن الأوروبية ونستوردها بالعملة الصعبة على حساب خزينتنا العمومية التي تظلّ دوما تنشد الترشيد في الإنفاق والعقلنة في الإستيراد كي لا تصبح سوقنا تجري بما تشتهي السّفن.. الجزائري، مع الأسف الشديد يبذّر الخبز بلا رابط وبدون تغليب تأنيب الضمير حينما نرى أكواما من هذه «النّعمة» تُرمى بلا وازع أخلاقي في القمامات تصاحب الخرذان وكل حيوان ضالّ ينشد قوته اليومي.. الخبز، لا يجب أن يظل على هذه الحال، وذلك لعدّة عوامل تجبرنا المحافظة عليه، كما نحافظ على حُباب أعيننا، كيف لا وهو المطلب الأساسي لكل آدمي حتى يسدّ رمقه ولا يتضوّر جوعا. إذن، لا بدّ علينا من تغيير سلوكياتنا السلبيّة تجاه الطرف الضعيف في المعادلة ونعني به الخبز، لا سيما في أشهر رمضان المعظم الذي من المفروض يكون من أوّل يومه إلى آخره، إعتدال في الاقتناء وحكمة في الأكل.. ومن هنا يستوجب سنّ قوانين صارمة لمحاربة هذا التبذير الذي إن طال أمده سيكون وبالا على أسرنا واقتصادنا، خصوصا ونحن نعاني شحّ الموارد من العملة الصعبة، التي أحوج أن توجّه إلى إستثمارات أخرى غذائية تعود بالنفع العام، بدل الإبقاء على وتيرة الاستيراد الجنونية، سواء تعلق الأمر بالمواد الغذائية أو مواد أخرى. إذن، الخبز يناشدنا الرأفة به لأنّه نِعم الرغيف في أوقات الشظف وشحّ السماء من الغيث...