تمثل فترة الاستعمار الفرنسي للجزائر إحدى أكثر المراحل التاريخية دموية وعنفا وانتهاكا لحقوق الإنسان ،و صفحات بشعة وفظيعة لحروب الإبادة الجماعية المرتكبة في حق الشعب الجزائري على مسار تاريخ الجزائر عبر العصور و خلال فترات الاستعمار المختلفة السابقة ، حيث أنه لا يمر علينا شهر أو أكثر إلا ونحيي ذكرى من ذكريات الجرائم و المجازر التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية في حق الجزائريين منذ بداية احتلالها لبلادنا يوم 5 جويلية عام 1830 إلى يوم الاستقلال 5 جويلية عام 1962 ،و آخر حدث في هذا السياق كان الذكرى الواحدة والستين لتجارب التفجيرات النووية بمنطقة رقان التي أجرتها فرنسا ضمن سباقها نحو امتلاك القنبلة النووية على غرار دول عظمى أخرى في العالم حيث اختارت الصحراء الجزائرية حقلا لتجاربها تلك ،و الجزائريين كفئران تجارب وحدث ذلك على مشهد ومرأى من الدول ،وقد أضيفت تلك الصفحة المظلمة إلى ملف استعماري فرنسي حافل بكل أشكال الانتهاكات لحقوق الإنسان بدء بجرائم المحرقات التي طالت عشرات الجزائريين و خراب توسع واحتلال لكل مناطق بالقوة والجيوش الجرارة ،والقمع وحشي للمقاومات الشعبية و جرائم القتل الشنيع و نفي المقاومين إلى بلدان بعيدة مثل كاليدونيا الجديدة و جزر تقع في البحر المتوسط منها جزيرة كورسيكا –لاكورس-،وتهجير الجزائريين من مناطقهم الأصلية إلى مناطق متفرقة من الجزائر لمصادرة الأراضي وبناء المستعمرات و المستوطنات للمعمرين الذين استقدمتهم باريس من فرنسا وبلدان أوروبا الأخرى لتجسيد الطابع الاستيطاني لاحتلالها للجزائر بكل المقاييس وعلى كل المستويات والأصعدة ،وإن كان لنا أن نقف عند ممارسات جنرالات فرنسا في الجزائر خلال 132 سنة من الاستعمار الاستيطاني لبلادنا ،فإن المحطات تتعدد و الأحداث تكثر و تستوقفنا جرائم يندى لها جبين الإنسانية خجلا لشدة بشاعتها شملت كل صور التعذيب و الوحشية لكن التاريخ لا ينسى و إن مر الزمن ،والصفحات الدامية منه لا تزول بل إنها تطوى و تبقى حاضرة و عالقة في ذاكرة الشعوب التي لا تزال تطالب بتجريم المستعمرين بعد مرور عقود من الزمن على تاريخ ارتكاب تلك مجازر وجرائم فرنسا الاستعمارية العابرة للقارات والتاريخ و المدمرة لكيانات وهوية الشعوب التي استعمرتها ،و كذا حرب الإبادة الجماعية المعلنة على الجزائريين .