المستقبل للعمل والعلم والأمم تبنى بقواعد صلبة حتى لا ينهار بنيانها المرصوص بفعل الهزات المتتالية للظروف الحياتية حتى و إن كانت عنيفة أو ارتدادية فحصانتها تكمن في التقوية الداخلية لجبهتها بالتضامن والتلاحم .. هكذا هي الأمم القوية لا تتأثر بصروف الدهر مهما علت أمواجها المتلاطمة في عباب الدنيا لأن الأهداف المرسومة لا تثنيها على مواصلة الكد والسعي لبناء المستقبل المأمول. والأمر هذا يجرنا إلى الكلام عن الاستقرار كمعطى جيو استراتيجي لازالت البلدان تقيم له المعادلات تلو الأخرى سواء لأمنها القومي أم لتحقيق مآرب بعيدة أو طويلة المدى.. فالأمن مكسب لابد على الجميع العض عليه بالنواجد خصوصا في بلادنا التي تعيش في محيط إقليمي مضطرب من كل الجهات والنواحي حتى لا نذكر إلا المشكل الليبي و الوضع في الساحل الإفريقي . و المشكلة تكمن أساسا في الوعي الذي بدونه لا نستطيع مواصلة أي مسار سواء كان سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا و هنا بيت القصيد فوعي المواطن بهذه المخاطر كفيل بجعله فردا منتجا فكريا وسياسيا واقتصاديا في المجتمع. صحيح أن استرجاع الثقة ليس بالأمر الهين لأن التراكمات الماضية فعلت فعلتها في البلاد وأصبح الواحد منا أحيانا لا يثق حتى في خلده لأن الإنسان هو إنسان ، هو نسيان ونزوات وآمال وكبوات..بيد أن العاقل من يتعظ من الدروس ويعطيها الحجم الحقيقي كي لا تتكرر مثل أسنان المنشار الطالع آكل والنازل قاضم. المهم نحن الجزائريون نعلم يقينا أنه لا بلد آخر يأوينا أو ترابا آخر يمدنا بالغلات سوى وطننا المفدى الذي له حقوق علينا قبل أن نطالبه بأي شيء آخر .. حقوق الحفاظ عليه والدفاع عن خياراته الأساسية إن على المستوى الداخلي أم الخارجي.. فالوطن هو الوطن مهما ارتفع منحى الجدال أو المهاترات وهو فوق كل الاعتبارات لأنه ببساطة الجزائر القوية والآمنة.