- هل بالإمكان أن تقدّموا لنا قراءة سياسية لمجريات الحملة الانتخابية التي تشارف على نهايتها ^ أعتقد أنّ مجريات الحملة الانتخابية كانت منطقية و واضحة يعود ذلك إلى ميثاق أخلاقيات الممارسة الانتخابية الذي نظّم العملية من بدايتها إلى نهايتها ، و ما شهدناه أن هناك العديد من اللقاءات الرسمية التي كانت في كبريات القاعات عبر الوطن ، إلى جانب عدد ضخم من اللقاءات الجوارية التي نشّطها المرشحون ، دون نسيان مواقع التواصل الاجتماعي التي تمّ اعتمادها كمجال من أجل التعريف بالبرامج و المترشحين من أجل الإقناع.لذلك فالحملة لم تشهد أمورا سلبية أو مغالطات و لا تجاوزات تتعلّق بخطاب الكراهية في انتظار التقارير التي سوف تصدرها السلطة المستقلة لانتخابات و هي التي ستعطينا صورة عامّة لمجريات الحملة الدعائية كما جرت في ربوع الوطن ، لكن على الأقل الشيء الظاهر أنّ الحملة ذات مستوى عال جدا و أكّدت مستوى المجتمع الجزائري و الدور المناط به و هذا يؤشّر على انّ الانتخابات التشريعية المقبلة ذات أهمية - هل أتاحت الحملة الانتخابية بالشكل الذي تمّت به منافسة حقيقية بين المرشحين و أفرزت أمورا جديدة تحسب لصالح الإصلاح السياسي في البلاد ، كظهور تكتلات سياسية خاصة لدى الشباب مثلا ؟ ^ أعتقد أنّ الإصلاحات السياسية سواء تلك التي طالت صميم الدستور و مسّت عمق مواده و عملت على الأقل من أجل إطلاق ثلاثة أشياء في الجزائر هي : تعزيز الحريات و الحقوق و أخلقة الحياة السياسية و الذهاب إلى التوازن بين السلطات و ربما نقطة رابعة أيضا هي تلك المتعلّقة بدسترة السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات و الإصلاح الثاني الذي أسّس لهندسة دستورية أو انتخابية بالأحرى يتعلّق بالقانون العضوي للانتخابات و هما الناظمان الأساسيان للحملة بحيث مبدأ المناصفة و الشفافية بين كل المرشحين في كل القوائم يؤكده توجه هذه الإصلاحات . هذا بدوره يؤكد أنّ الجزائر دخلت مرحلة جديدة و أنّ ممارسات الماضي سواء في الانتخابات أو طريقة تنظيمها قد ولّت و حملة اليوم ترتبط بهذه الإصلاحات و هذه سابقة في تاريخ الجزائر أن تشهد حملة انتخابية بهده الكثافة ، و بهذا العدد الكبير من النقاش خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي و قد أثبت المتتبعون و حتّى من المواطنين البسطاء احتراما للحملة ، فلم نشهد قذفا و لا شتما و لا طعنا ، يبقى في آخر المطاف أنّ الخيار للمواطن يتّجه يوم الاقتراع و يختار من يشاء . - هل كان الخطاب السياسي في مستوى الوصول بالانتخابات إلى إفراز برلمان قوي يضع الحياة التشريعية في مكانة السلطة المقرّرة ( ضمن سلط أخرى ) و المشاركة في صناعة القرار الوطني ؟ ^ الخطاب السياسي مستويات و ينبغي أن نفرّق بين الخطاب الحزبي المرتبط بأجندة وطنية و الأحزاب تمتلك هياكل و خطابها مهيكل ما يلزمها الدفاع على برنامجها بقوّة و خطاب القوائم الحرّة التي تمتلك بدورها نظرة معيّنة مرتبطة بمناطقها و نشهد أحرارا مثلا يقدّمون خطابا عاطفيا ، يميل إلى القبيلة أو المنطقة أو العائلة ، و هذا لا يتماشى مع طموحات الجزائريين الجديدة ، مع أنّ القانون العضوي المتعلّق بالانتخابات فسح المجال للعديد من الفاعلين و الراغبين في الترشّح كمستقلين ، لكنّ الشيء المهم في هذا الخطاب السياسي أنّه أكد على الوعي و مدى انفتاح المواطنين و التزام المترشحين بميثاق أخلاقيات الممارسة الانتخابية و هذا بدوره إنجاز كبير و خطوة مهمّة جدّا تؤكد أنّنا تجاوزنا الخطاب غير المسؤول ، الهدّام ما يؤكّد أنّ البرلمان القادم سوف يكون مختلفا من حيث الفائزين كأعضاء أو من حيث نوعية الخطاب أو القوّة السياسية التي يمكن أن يمثلها البرلمان القادم كونه سلطة تشريعية تستطيع أن تمثّل المواطنين و تجسد الإرادة الشعبية و تشرّع باسم الشعب الجزائري و تراقب الحكومة أيضا باسم الشعب . - كيف تقيّمون أداء الشباب خاصة ضمن القوائم الحرّة في هذه الحملة الانتخابية ؟ ^ صرّحت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات أنّ 75 بالمائة من المترشحين هم شباب و أنّ 8 بالمائة هم من حاملي الشهادات الجامعية و مع ذلك ينبغي أن نقول أنّ الشباب في الجزائر لا يزالون يفتقرون إلى التجربة السياسية الكبيرة و هذا في الشكل و نقول أنّ الحراك الشعبي بدوره خلق نوعا جديدا من أنواع الوعي السياسي و رفع منسوب الثقافة السياسية و القانونية لدى عموم الشباب ، و شهدنا عديد الخرجات المقبولة لهذه الفئة من المترشحين ، ما يؤكد أنّ الكفاءة بإمكانها أن تلتقي مع العناصر الشابّة ، سواء من الرجال أو النساء ، و هذا بالنسبة لهم تجربة جديدة . - هل الوعود بالإصلاح التي أطلقها المرشحون قابلة للتطبيق أم الأمر يتعلّق بتمرير خطاب استهلاكي لغاية معروفة و هي الظفر بمقعد في البرلمان ؟ ^ الوعود سواء كانت من طرف الأحزاب فإنّ مواد الدستور أنّ الحزب إذا حصل على الأغلبية فبالتالي يتم تطبيق برنامجه ، كما باستطاعته أن يشكّل الحكومة ، و الخطاب الحزبي يبقى دائما منطقيا ، حتّى أنّ أجندة الأحزاب في حالة عدم فوزها بالأغلبية يمكن أن تذهب إلى التحالفات و تطرح عديد المشاريع القوانين التي تطمح إلى الإصلاحات السياسية و قد نجد كثيرا من القوائم المرتبطة أصلا بأجندة رئيس الجمهورية ، التي تعوّل على إصلاح البرلمانَ القادم ، أمّ القوائم الحرّة بمحض التجربة و تصريحات البرلمانيين السابقين و القدماء فإنّ التأكيد يذهب إلى صعوبة تنسيق العمل لافتقاد الغطاء السياسي الذي يجمع الأحرار و يسمح لهم بالتنسيق من أجل الإصلاح ، و في ظل ذلك و تبعا للدستور الجديد فالمجال مفتوح لكل لاعب ليحرك العمل البرلماني و يقوم بمبادرات . و يبقى في الأخير أنّه على الجميع أن يكوّنوا أنفسهم و تكون لهم علاقات جيّدة في ما بينهم ليشكّلوا كتلا برلمانية قادرة على الإصلاحات السياسية ، سواء تلك التي باشرها رئيس الجمهورية أو إصلاحات أخرى ربّما يراها البرلمانيون أنّها مناسبة و ينبغي تكيّفها مع المعطيات الجديدة و طموحات الشعب .