ضمن الإصدارات الجديدة التي نشرتها منشورات " رومنس القرن 21 " للنشر والإعلام والثقافة ، صدر حديثا ديوان للشاعرة الجزائرية ابنة بونة الدكتورة " نادية نواصر" ، وهو ديوان من الغزل ، تعود بينا الشاعرة إلى أيام الرسائل الغرامية والزمن الجميل، الذي كان للرسائل فيها قمة أدبية، وعلاقة حميمة مع الورق والرسائل، .. يحتوي الديوان على 104 رسالة كلها عشق ومودة وعتاب وشوق لا ينتهي، ..عندما تقرأ هذه الرسائل تتركك تعود إلى أيام الزمن الجميلة ، وتشعل قصائد العشق وجدان القارئ بالعاطفة القوية المتدفقة للشاعرة ،وكأننا في زمن الرسائل الورقية التي ينتظرها العشاق بكل لهفة وترقب ، وكم نحن بحاجة إليها كي تعيد لنا طعم الحب النقي والصادق ،.. تقول الشاعرة نادية نواصر في رسالتها الأولى وكلها عتاب ، تتحدث هنا بصيغة المذكر: عشية الوجع سألتني إليك الرد : إنها كالموت الذي لا نموت فيه و كالحياة التي لا نحيا فيها إنها المنطقة الوسطى فلا هي جنة ولاهي نار.. هي كالفقد الذي يأتي كبيرا ثم يصغر قليلا قليلا... هكذا توصف الحب الشاعرة نادية نواصر بإحساس قوي وبعتاب للحبيب ، في رسالتها السادسة تذكر الحبيب بالعهد الذي قطعوه معاً حي تقول : الرسالة 6 : قلت لي:حين نحب كأننا أمضينا عقدا وقلت لك :الحب كالصلاة لا يقبل التحريف بأقنعة من زيف وصلينا معا على سجادة الروح حتى صار الصباح الذي لا يحمل لي على من كبيه صوتك يؤخر عمري بآلاف العصور ويعطل عقارب ساعتي يدحرجها نحو الخلف وأنا المنحلة فيك كالسائل.. إنّه العشق المنبلج من الخلود المعانق لسموق النخل وبساقة الصفصاف الذي لا ينحني للرياح .. خطاب أنشأته شاعرتنا نادية نواصر من ركام وجد يتفتّق من جنة الحب الأبدية ، وفي أعماقها أبجديّة.. لعلّه الغزل في صومعة المتعبّد ومعبود لحبيبه .. يبلغ فيه البوح منتهاه، حتى ينعش القلب المعتل بالعشق ، في بذخ محاصر بمشاعر الشوق والحنين.. فيعلو الشجن وتتعالى تراتيل ا والنغم الممزوجة بصهيل الجسد ، تتوار لنا بين قصائد الديوان الذي ملأت رسائله مكان القلب ، وأصبحت تقرْ على مشارف النذور والتشويق اللامنتهي بين دقات القلب المعشوق والعقل الشارد في ملذات العشق الأبدي الذي صورته الشاعرة من خلال بقية القصائد . هكذا تنهي الشاعرة القديرة قصائدها في رسائل إلى monsovo، الاسم المستعار للحبيب : حين يسدل الليل ستائر أرقه على أجفان اللحظة وعندما تستسلم الروح لعاشقها تدور الأرض دورانها الجنوني وتفقد اللغة شفاهها في هذا التوقيت بالذات يجتر القلب أزهار حنينه وتوغل الذاكرة في جدلية الحضور والغياب وتصبح أنت والإدمان كأسا واحدا ترتشفه الروح نكاية في الحنين تأخذني بضراوة عشقي إلى عينيك.. تمكنت الشاعرة نادية من رسم الواقع بحبكة لغوية شفافة كالريح ، ومضيئة كنجوم الليل، من خلال خيالها الخصب وابتكار العديد من الصور الشعرية الزاهيّة، وأجادت تشكيلها كلوحة فسيفساء زاهية، وجعلتها ناصعة متوهّجة خالية من الترهّل، وطرحت جمال المخيلة الخصبة ..تمنح الشاعرة حرية التعبير المجازي حيناً ، والواقعي حيناً ، مما جعلها تأخذ القارئ إلى مخيلات واسعة للتفسير عن حرية الذوق لكل قارئ متذوق للشعر الجميل .