تنْم الزيارة التي تقود رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون منذ أمس إلى القاهرة عن رغبة البلدين الأكيدة من أجل الوصول بالتنسيق السياسي و الدبلوماسي و الأمني الثنائي إلى حلحلة عديد القضايا العالقة و التي لها وقع مباشر على البلدين في المنطقة، من منطلق القوّة الإستراتيجية التي يمثلانها في إقليمهما والقضايا العربية والإفريقية العالقة بشكل خاص والتي لا تستثنيها العاصمتان من ملفات العلاقات البينية، بل تفتح ملفاتها و تناقشها و تبدي رأيها حولها بكل مسؤولية ، من خلال تصوّر الحلول و ترجمتها إلى واقع . و تتضمّن أجندة الملفات التي تنسّق فيها مصر مع الجزائر قضايا كثيرة و ذات أهمّية بل و يعدّ الفصل فيها بطريقة جذرية ودون تضييع للوقت في حدّ ذاته تحديا وسط الظروف المحيطة بالمنطقة، و لعلّ تعثّر الحل السلمي للمسألة الليبية و رأب صدع المقاومة الفلسطينية و التصدي للإرهاب في الساحل و موقف الجامعة العربية من شغور مقعد دمشق داخلها مسائل توجب التنسيق على جميع المستويات بين البلدين فثقلهما الإقليمي يحتّم تسريع خطى الحل و فك الشفرات التي تلغّم هذه الملفات و تترك شعوبا تعاني من تدخلات سافرة لصالح مصالح أنانية ضيّقة أبان عليها التدخل الأجنبي في الشأن العربي و الإفريقي ... ففي المسألة الليبية يتفق الطرفان في رد التدخل الأجنبي من حيث أتّى و ترجيح الحل السياسي الليبي لقضيته الداخلية ، انطلاقا من استشارة شعبية تأخذ على عاتقها البناء المؤسساتي الذي هو منطلق كل الإصلاحات في ليبيا و توحيد المؤسسة العسكرية بدل تشتّت السلاح بين فصائل تديرها قوى خارجية . بل و يظهر جليا أنّ حل القضية الليبية بعد الليبيين في يد مصر و الجزائر بحكم مجاورة ليبيا لدولتين كبيرتين سياسيا و استراتيجيا و هما الوحيدتان القادرتان على منع التدخل الأجنبي في الشأن الليبي ، التدخّل الذي عمّق الهوّة بين الليبيين و فوّت عليهم انتخابات و حلول سياسية ناجعة ، كانت في المتناول. و يعدّ تقريب وجهات نظر الفصائل الفلسطينية من أجل لملمة المقاومة و الوصول بأطرافها إلى عقد المصالحة لتفويت الفرصة على الكيان الصهيوني لضرب الفلسطينيين بادرة شجّعها الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس الذي زار الجزائر و تونس و استثنى المغرب بداية ديسمبر الماضي ، و لا تختلف حولها القاهرة و الجزائر الداعمتان للشعب الفلسطيني من أجل إقامة دولته على أرضه المغتصبة ، و القضية الفلسطينية ستكون أيضا الملف الأثقل في دورة القمّة العربية التي تحتضنها الجزائر ، قمّة يراد من ورائها الحضور القوي لكل البلدان العربية حتّى يكون الحلّ عربيا. للإشارة فإنّ زيارة عبد المجيد تبون إلى القاهرة تأتي أيّاما فقط قبل اجتماع قمة رؤساء الاتحاد الأفريقي و التي يضمّ جدول أعمالها الفصل النهائي في منح صفة عضو مراقب للكيان الصهيوني الذي تدعمه دول افريقية من بينها المغرب ..