- وزيرة الثقافة والفنون وفاء شعلال: "فنان كبير بأخلاقه ساهم في إرساء الحركة المسرحية بمستغانم" ودّعت الأسرة الفنية أول أمس الفنان المسرحي الكبير جمال بن صابر، الذي يُعد واحدا من أبرز الأسماء التي تألقت على الركح، وأحد رُواد مسرح الهواة لمدينة مستغانم،..لتنطفئ بذلك شمعة من شُموع الإبداع التي طالما أضاءت المشهد الثقافي ببلادنا..رحل جمال بن صابر عن عمر ناهز 81 سنة، بعد معاناة مع المرض، تاركا وراءه رصيدا ثريا سيبقى راسخا في الذاكرة الفنية الوطنية، ومحفورا في قلوب الجماهير لسنوات وسنوات.. فهو نموذج الفنان الذي أفنى حياته في الإخلاص لعمله ونشاطه، كما أنه نجح في بعث الروح والأمل في جُل المسارح الجهوية،..لم يملّ يوما من العطاء ولم يكلّ من الوفاء ..كان مُخلصا لفنه وجمهوره، وحريصا على تقديم الأحسن والأجود، معتبرا أن الفن الرابع انعكاسٌ لما يعيشه المجتمع من تغُيرات وتحولات مختلفة، وواجهة حقيقية للتعبير عن قضايا الإنسان المتعددة، .. ودّعنا منذ يومين ممثلا ومُخرجا وأستاذا ومبدعا ومُربيا للأجيال،..فنان حمل على عاتقه مسؤولية تطوير الحركة المسرحية بعاصمة الظهرة مستغانم وناضل من أجل تعزيز المشهد الركحي ببلادنا ككل، ..هو من مواليد سنة 1941 بمستغانم، بدأ مشواره الفني مع الجمعية المسرحية والموسيقية "السعيدية" قبل أن يلتحق بفرقة "مسرح الڤراڤوز" للراحل ولد عبد الرحمان كاكي خلال نهاية الخمسينات، وبعد الاستقلال انضم جمال بن صابر إلى المسرح الوطني الجزائري إلى غاية 1971 ،لينتقل إلى فرنسا من أجل إجراء تربُّص في السمعي البصري، وعاد بعدها إلى مدينة مستغانم ليفرض نفسه بقوة في عالم الإخراج، حيث نجح في تقديم باقة هامة من العروض الفنية التي لا تزال إلى يومنا تُقدم على الخشبة من قبل فرق شبابية هاوية ومحترفة، وهو ما طمح إليه الفقيد وصرح به في أكثر من لقاء وتظاهرة فنية، فرسالته الأسمى كانت تمرير ما يقوم به للأجيال، والحرص على بقاء المسرح شامخا مهما كانت الظروف ومهما توالت السنون ومهما عصفت الهموم... ومن بين المحطات الفنية الناجعة التي تُحسبُ للراحل جمال بن صابر تأسيسه للجمعية الثقافية "الإشارة" سنة 1975 مع ثلة من المسرحيين، وأيضا كان رئيسا لتعاونية "الكانكي" سنة 2001،..كل هذا أهّله إلى تقلد مناصب ومسؤوليات كبيرة مُستحقة نجح في تأديتها بفضل خبرته وكفاءته وغيرته على فنه وبلده، أهمها تعيينه محافظا للمهرجان الوطني لمسرح الهواة منذ سنة 1967، كما كانت له مشاركة مميزة في تظاهرة سنة الجزائربفرنسا سنة 2003، وأبهر الحضور بالمركز الثقافي الجزائري عندما قدم مسرحية "الڤرّاب والصالحين" لولد عبد الرحمان كاكي، دون أن ننسى الملاحم المسرحية التي برع فيها على غرار الملحمة البطولية للأمير عبد القادر، ملحمة سيدي لخضر بن خلوف، بيضاء سوداء إفريقيا، يا ولدي ..الخ)، ولأن الراحل جمال بن صابر كان طموحا ومثابرا، فلم يكتف بالمسرح فقط، بل اتجه أيضا نحو السينما، وعمل كممثل ومساعد تقني في العديد من الإنتاجات السينمائية والمسلسلات الدرامية للمؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري..،ومن بين الأفلام التي برز فيها نذكر فيلم "القبلة" التي نال بها جائزة "الصقر" الذهبية بتونس عام 1975، وشارك في فيلم "دورية نحو الشرق"، للمخرج الجزائري عمار العسكري. ومن جهتها، عزّت وزيرة الثقافة والفنون السيدة وفاء شعلال عائلة الفقيد جمال بن صابر، والأسرة الفنية الجزائرية، حيث قالت: "إن الفقيد هو واحد من القامات المسرحية الجزائرية التي صالت وجالت على خشبة المسارح، مقدمة أروع العروض الفنية التي لا زال الجمهور الجزائري يتذكرها ويستمتع بها، كما أبلى البلاء الحسن في السينما، وشارك في العديد من الأعمال السينمائية الكبيرة"، مضيفة: "الراحل كان فنانا كبيرا بأخلاقه وبحسه الفني وقدرته الفائقة على تجسيد الأعمال الفنية، فهو تلميذ العملاق ولد عبد الرحمان كاكي، وساهم مساهمة كبيرة في إرساء حركة مسرحية في مدينة مستغانم أشعت وتوهجت في الساحة الفنية الجزائرية، معلنة ميلاد مسرح جديد يستلهم خصائصه من الأعمال الخالدة لكبار القامات الجزائرية، ومن التراث الجزائري الخالد المستوحى من حياة الإنسان الجزائري، ومن رحم المعاناة اليومية".