تستضيف الجزائر في 2023 الندوة السابعة لمنتدى الدول المنتجة و المصدّرة للغاز ، باعتبار الجزائر دولة مؤسسة لذات المنتدى الذي صار يتموقع بشكل صحيح وسط المنظمات العالمية للطاقات المختلفة ، سواء الأحفورية أو المتجددة . كما عادت للجزائر منذ 2021 الأمانة العامة لذات التجمع و هو المنصب الذي أهلها كي تلعب دورا بارزا لصالح المنتدى الذي تواجهه عديد التحديات، سواء على صعيد التموين و الالتزام باحترام الاتفاقات المقطوعة مع الزبائن عبر العالم ، و أيضا الالتزام بجعل الغاز يتبوأ مكانة محترمة ضمن قائمة الطاقات التي تحرّك الاقتصادات العالمية ، إذ أنّ الطاقة الغازية تلقى في كثير من الأحيان دعاية مضادة باعتبارها آيلة للنفاد ، و تحذو حذو البترول في المساس بالنظام البيئي في حين أكدت المنظمة العالمية للطاقة أن الغاز هو الطاقة الأحفورية الوحيدة التي أُضيفت إلى السلّة الخضراء ، أكثر من ذلك تشير دراسات معتمدة لدى منظمات عالمية إلى أن الغاز سيتصدر قائمة الطاقات من حيث الطلب و مع جميع الطاقات المتجددة. و الدور الذي تلعبه الجزائر لصالح منتدى الغاز يتفوق بكثير عن دور روسيا التي ينظر إليها على أنها عنصر مدمر للدول التي تمونها موسكو ، و أغلبها في أوروبا ، و تستعمل ورقة الغاز لتحقيق مآرب سياسية ، كما هو الشأن خلال الأزمة مع أوكرانيا رغم أن فلاديمير بوتين التزم رسميا بأن التموين لن ينقطع عن القارة العجوز . و بعيدا عن لغة المساومات بهذه الثروة الثمينة فإن الدبلوماسية الاقتصادية للجزائر و الوقوف المتّزن و على نفس المسافة من الأزمات فإن الجزائر تواصل كسب احترام الشركاء من خلال الالتزام بالعقود و الشراكات و الدفاع عن المصالح المشتركة بين المموِّن و المموَّن ، و أكثر من ذلك تعرف حقولها الغازية أكبر الشراكات الأجنبية . و في هذا الصدد تتوفر على أربع وحدات لتمييع الغاز في أرزيو و وحدات متطورة في سكيكدة مع مشروع توسيع ميناء هذه الأخيرة بشراكة صينية لزيادة قدرات التصدير و بالتالي الوفاء بالالتزامات تجاه الزبائن ، الذين قال عنهم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال كلمته أمام الدورة السابعة في الدوحة بأن الجزائر مستعدة لتعويض أي نقص ، متعهدا أن الغاز لن ينقطع عن زبائن الجزائر ، و نحن نعلم أن أبواقا معروفة تحدثت عن احتمال إنقاص الجزائر لحصة إسبانيا من الغاز ... كما أن الإمدادات لم تتوقف بعد قطع الجزائر تمرير غازها إلى أوروبا عبر المغرب لإنقاذ رئة القارة العجوز و عرضته بالنقل البحري. و يعود للجزائر الدور الكبير الذي لعبته أيضا في تحديد الملفات المطروحة على ندوة المنتدى و التي تصدرها مسألة استشراف مستقبل هذه الطاقة و التعامل مع الأزمات المتوقعة ، سياسيا و اقتصاديا و أيضا المفاجئة ( مثل ما يحدث هذه الأيام مع الأزمة بين روسيا و أوكرانيا) و تعتبر دول المنتدى أكثر البلدان التزاما بتنفيذ العقود طويلة المدى باعتبارها الدول الأكثر إنتاجا في العالم و هي روسيا و إيران و قطر و الجزائر و فنزويلا بالإضافة إلى أستراليا لكن الأخيرة ليست عضوا. و بالتالي تجد هذه الدول نفسها مرغمة أيضا على توفير الأمن الطاقوي ، لأن الغاز المسال مصدر مداخيل كبيرة و معزز للخزينة العمومية .. و بالتالي فإن الدبلوماسية الاقتصادية التي تنتهجها الجزائر صارت من أدوات تحقيق مصالحها بشكل هادىء و التكيّف مع جميع المستجدات في ظل ما يعرفه العالم من تحديات ، بعضها مدروس و بعضها مفاجىء يتطلب دراسات استشرافية مسبقة للتعامل معه و تجاوز عواقبه ...