اجتماع الحكومة: دراسة مشاريع تمهيدية لقوانين معدلة ومتممة تخص عدة قطاعات    الجزائر/قطر: السيد زيتوني يشرف بالدوحة على افتتاح منتدى أعمال جزائري-قطري    عقوبات مالية ضد متعاملي الهاتف النقال الثلاثة بسبب الاخلال ببعض الالتزامات    عويش : التحاق 15 ألف متربص بمعاهد التكوين المهني في الصيد البحري خلال الموسم الجاري    اسبانيا: ممثل جبهة البوليساريو بمقاطعة لاريوخا يطلع عمدة بلدية ارنيذو على آخر تطورات القضية الصحراوية    هلاك 5 أشخاص وجرح 155 آخرين خلال ال24 ساعة الأخيرة في حوادث المرور    بعنوان : "أحرار نوفمبر".. مسابقة عربية شعرية ضخمة بمناسبة سبعينية الثورة الجزائرية    أطقم طبية تابعة لمصالح الصحة العسكرية تساهم في الحد من انتشار الأوبئة ببرج باجي مختار وإن قزام    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 42 ألفا و792 شهيدا    ربيقة يقف على الإستعدادات الأخيرة للملحمة الفنية التاريخية "روح الجزائر"    بونجار: برنامج عمل اللجنة الوطنية للوقاية من مرض السرطان ومكافحته يرمي إلى تقليص عدد الإصابات والوفيات    مشروع السكة الحديدية بشار-تندوف-غارا جبيلات: رخروخ يعرب عن " ارتياحه" لتقدم الأشغال    بلمهدي يؤكد على أهمية الحفاظ على المخطوطات القديمة وتثمينها    مراد يستقبل سفير ايطاليا بالجزائر    الاحتلال الصهيوني يواصل جرائم الإبادة في شمال قطاع غزة لليوم ال19 على التوالي    وقفة بدار الصحافة في العاصمة    هؤلاء أبرز 20 لاعبا انخفضت قيمتهم السوقية    انتقادات لاذعة لمحرز    الميزانية المقترحة تضمن مواصلة جهود تجسيد الالتزامات    باسكوا: الجزائر قوة إقليمية    منظّمات وجمعيات ترافع لتسقيف الأسعار    دراسة مشروع قانون حماية ذوي الاحتياجات الخاصة    تبّون مدعو لزيارة سلوفينيا    إنتاج 492 ألف قنطار من البطاطا الموسمية    كلمات جزائرية تغزو إنجلترا!    الصحافة الجزائرية تحتفل بيومها الوطني    يحيى السنوار من ثائر إلى أسطورة    وزارة الإنتاج الصيدلاني تُحذّر..    برنامج عمل اللجنة الوطنية للوقاية من مرض السرطان ومكافحته يرمي إلى تقليص عدد الإصابات والوفيات    وزارة الصناعة تتخذ عديد إجراءات    تذكروا "بيغاسوس".. الجوسسة باستعمال التكنولوجيا أمر واقع    صفعة ثانية.. المخزن يترنح    بحث فرص ترقية التعاون الصناعي بين الجزائر والهند    بلعابد يشارك في اجتماع إدارة مركز اليونيسكو للتميز في التعليم    قرارات هامة لصالح طلبة علوم الطب    صادي يجري محادثات مع شخصيات بأديس أبابا..قرارات هامة في الجمعية العمومية للكاف    وديتان للمنتخب الوطني للسيدات بنيجيريا    لجنة الانضباط تعاقب 3 أندية وتوقف الحارس ليتيم    القبض على محترفي سرقة الهواتف    260 إصابة بالكيس المائي    التحكيم في قفص الاتهام، احتجاجات بالجملة و"الفار" خارج التغطية    مجلس الجامعة العربية يدين تقويض عمل المنظمات الإنسانية في غزة    أنابيب نقل الغاز الجزائرية ضمان لأمن الطاقة الأوروبي    الأمم المتحدة تحذّر من تدهور الأوضاع في فلسطين    "المساء" ترصد ما خققه الثقافة والفنون في 4 سنوات    الطبعة 18 من 26 إلى 30 أكتوبر    مسؤول في هيرتا برلين يصف مازة ب"جوهرة" النادي    آدم وناس مطلوب في أودينيزي وسمبدوريا الإيطاليين    9 محتالين يجمعون تبرعات باسم مرضى السرطان    توسيع طاقة تخزين الأدوية في 3 ولايات    أيام حول الانتساب للضمان الاجتماعي في الجامعة    الرئيس يأمر بإنجاز فيلم الأمير    التميّز والجمال عنوان "شظايا من الضفتين"    مختصون: هكذا نجعل للدراسة قيمة في حياة أبنائنا    الابتلاء من الله تعالى    نعمة الأمن لا تتحقق إلا بوجود 4 مقومات    هكذا نزلت المعوذتان على النبي الكريم    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كلمات في‮ ميزان التاريخ
نشر في الجمهورية يوم 12 - 04 - 2012

عندما وصل إلى قاعة تحريرنا مساء أمس نبأ وفاة أول رئيس للجزائر المستقلة أحمد بن بلة إستحضرت ذاكرتي‮ موقفا بدى لبن بلة حين وقوعه أضحوكة لكنها أبكته وسجنته سنين.‬
ذلك أنه في‮ جوان‮ 1965‮ دخل عليه في‮ مكتبه الرئاسي‮ الأب بيرونجي‮ القس الفرنسي‮ من أصل إسباني‮ والذي‮ خدم الثورة الجزائرية في‮ صفوف‮ »‬الأفلان‮« وكان صديقا لبن بلة ووزير دفاعه هواري‮ بومدين وقال الأب بيرونجي‮ لبن بلة بالحرف الواحد‮: »‬إن العقيد‮ يدبّر لك إنقلابا عاجلا‮«‬.‬
ساعتها ضحك بن بلة ورد على الأب‮: »‬دعك من الإشاعات فبومدين ذراعي‮ الأيمن ولن‮ يخدعني‮«‬،‮ وقبل أن‮ يكمل الرئيس جملته دخل عليه بومدين محمرّ‮ الوجه وكأنه سمع ما قال بن بلة للأب بيرونجي‮ وليكسر بن بلة هذا الصمت قال‮: »‬ألم أقل لك إنه صديقي‮« .‬
إنصرف الأب بيرونجي‮ وهو‮ يردد‮: »‬إنك إنسان طيّب،‮ إنك إنسان طيّب..‬‮«‬
طيبة بن بلة كان منبعها خروجه من وسط شعب بسيط وهو الذي‮ كان دوما‮ يقول إن حزبي‮ الأكبر هو الشعب فأنا إبن الشعب وفي‮ يوم ما سأعود إلى الشعب.‬
الرجل بكل مواقفه التي‮ صنعتها أفكاره التي‮ اكتسبها من خلال قراءاته المتعددة وهو في‮ زنزانته.‬
المراركة حڤرونا،‮ الصرخة التي‮ ألهبت الشارع
جيل بن بلة‮ يعي‮ جيدا هذه المقولة لأنه عاشها بكل جوارحه وهو الجريح مدة‮ 132‮ سنة فبعد طرد المستعمر ظهر المغرب بأطماع جديدة توسعية على حساب التراب الجزائري‮ وكانت الجزائر قد رفضت في‮ 63‮ إستخدام تندوف معبر للمغرب لإحتلال موريتانيا مقابل تسوية الحدود بين البلدين.‬
وردت الجزائر بأن كل‮ »‬حبة رمل حرّرها جيشها من المستعمر الفرنسي‮ هي‮ جزائرية‮« وأصرّ‮ العقيد هواري‮ بومدين على ذلك وقام المغرب بإرسال جيشه إلى بشار وتندوف وأقصى جنوبنا لجسّ‮ النبض فحذّرته الجزائر لتندلع حرب جديدة إمتدت أسبوعين‮ (‬من‮ 19‮ أكتوبر إلى 2‮ نوفمبر‮ 63‮) وهي‮ المعروفة بحرب الرمال،‮ ولأن التلفزيون لم‮ يكن منتشرا كما هو الآن فإن مكبرات الصوت لعبت دورها في‮ توعية الشعب وبث خطاب بن بلة للأمة،‮ الخطاب الذي‮ ألهب الشعب وقوى عزيمته في‮ الدفاع على كل شبر من أراضينا التي‮ حرّرها الرجال بالدم.‬
هذا الخطاب الذي‮ إلتحم حوله الشعب خاصة عندما قال بن بلة‮: »‬المراركة حڤرونا‮« فوصل بعضه إلى مغنية في‮ الحدود مع المغرب.‬
صاحب‮ »‬المراركة حڤرونا‮« والذي‮ نطقها بكل عفوية واستجمع حولها شعبا برمّته لم‮ يتوقف هنا بل معروف عنه مفردات أخرى‮ يذكرها الجزائريون ويحتفظون له بحقوق المؤلف فهو أيضا صاحب مقولة بني‮ وي‮ وي‮ ومعناها‮ »‬أبناء نعم نعم‮« في‮ إشارة إلى فئات من الشعب‮
كانت الإدارة الفرنسية تضللها بوعود كاذبة للحصول على موافقة الشعب وتمرير مشاريعها الإستطانية والإدماجية فحذرهم بن بلة بقوله بني‮ وي‮ وي‮ أن فئات لا تفكر ولا تحلل بل هي‮ كقطعان‮ غنم كل إجاباتها بنعم‮ .‬
جزائر التعددية والتي‮ فتحت الباب لبن بلة للخروج من السجن ثم تأسيس‮ حزب فالظهور في‮ التلفزيون لأول مرة في‮ لقاء مباشرة لقاء الصحافة لمرادشبين فاجأ الجميع بإنتقاده اللاذغ‮ للصحافة وعلى المباشر بقوله أنتم صحاب‮ »‬شيتة‮« وأتذكر‮ يومها أن بن بلة أحالني‮ لأول مرة على قاموس عربي‮ لأبحث عن معنى الكلمة فلم أجدها فأنقذتني‮ أمي‮ بقولها إنها‮ "la brosse"‮ ففهمت قصده بأن الصحافة الجزائرية أمامها طريق طويل لإكتساب الإستقلالية والإحترافية بعيدا عن التخندق ضمن كرتلات المال والسلطة والنفوذ وعليها أن تصنع نفسها بنفسها حتى لا تبقى رهينة من‮ يسيرونها كدمية طيعة‮ .‬
البرجوازية المرضى الذي‮ أراد بن بلة إستئصاله من عمق المجتمع الجزائري‮ لأن إبن الشعب لا‮ يرضى بالفوارق بين أفراد الشعب لكنه لم‮ يجد لذلك العلاج طريقا وكان دائما‮ يتساءل‮ :‬ ‮»‬من أين لهم كل هذا‮« يلزمهم حمام سخون باش أندوبولهم الشحمة‮«‬
وأنا أختم هذه العجالة أيضا أتذكر‮ أنني‮ أنجزت تحقيقا قبيل أقامة‮ »‬جيبولي‮« بن بلة في‮ مغنية وزرت رفقة المصور منزل نشأته فكم كان بسيطا بساطة أي‮ فرد من الشعب إبان الثورة وقال لي‮ أحد جيرانه وكان شيخا كبيرا‮ »‬أحمد كان‮ يحب هذا المنزل البسيط والقصير جدرانه وسقفه فقد كان‮ يمكنه من الهروب من سطح‮ إلى آخر عندما‮ يأتي‮ عسكر فرنسا للبحث عنه وتقليب كل أغراض منزل والديه‮«‬
مات الرجل ليتطيب ترابه بنفس زكية تعرف قيمة الوطن مات بن بلة وعاش رجل الثورة التي‮ حملتنا إلى النور‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.