قلب المدينة، يحدها جنوبا قصر العدالة وشمالا المسرح، غربا بناية صناعية تجارية ضخمة أما شرقا نجد المقهى وهو بناية جميلة جدا ومعلما تاريخيا مهما لسكان المدينة، ساحة مزينة بأرضية رخامية، محاطة بأشجار النخيل العالية ونباتات وورود وكأنك في حديقة الملوك، حولها نسيج عمراني حضاري يحكي قصة مكان وشعب مناضل. مدينة سيدي بلعباس حديثة العهد، كانت قديما عبارة عن مدينة عسكرية محصنة لاسيما أثناء الإستعمار، أنشئت وفقا مخطط مدروس من طرف مجموعة لجان مختصة ومهندسين في البناء والتعمير سنة 1848 في الأول سميت ب place du tambour أي ساحة الطبل لأنها كانت ساحة مخصصة للموسيقى وإقامة الحفلات والسهرات للسلطات الفرنسية آنذاك، فيما بعد أطلق عليها إسم place de quinconces عندما طغى عليها الطابع المدني، ودأبت الحياة المدنية إلى جانب الحياة العسكرية، إذ كانت الكلمة ذات أصل لاتيني وتعني ذلك الشكل الهندسي المربع ذي نقطة في المحور، بعدها أصبحت تسمى place Carnot. وقد كانت place Carnot المكان المفضل للأوروبيين أثناء تواجدهم بالمدينة لإقامتهم للحفلات والسهرات الفنية والتغيير من جو الحرب والمعارك، فكانت الساحة الأجمل والموقع المميز للراحة والترفيه للأوربيين لا غير إذ كانت الساحة للمعمرين فقط لا وجود لسكان المدينة أبدا. بعدها بفترة وإثر اهتمام وانشغال الفرنسيين بمشاكل الحرب والبحث عن الثوار شهدت الساحة تجمعات شعبية وأحداث حربية نضالية تمت من طرف مناضلي المنطقة الرافضين للإستعمار، فكانوا يجتمعون لمناقشة الأوضاع السائدة آنذاك وأيضا كيفية مواجهة وطرد العدو الفرنسي. كما شهدت الساحة حدثا قضائيا مهما آنذاك ففي سنة 1886 تمت محاكمة الجزائري مسعود ولد العربي والذي اتهم بقتله كولونالا فرنسيا، مما أدى بتجمع شعبي كبير لمشاهد تنفيذ حكم الإعدام على الجزائري العباسي مسعود ولد العربي. أيضا كان فيه حدث مهم وهو إتهام إمرأة فرنسية marcelena monita سنة 1948 هي الأخرى حكم عليها بالإعدام بتهمة القتل ل 11 جنديا فرنسيا عن طريق التسميم. للمكان أو ساحة place carnot قصة والثورة التحريرية إذ شهدت عمليات فدائية ناجحة من طرف شباب ومناضلي المنطقة أهمها حادثة 1958/01/19 قامت مجموعة من الشباب المكافح والمناضل الغيور على وطنه ووحدتها بتفجير قنبلة يدوية أمام المقهى المقابل للساحة le café de France إذ كانت عملية منظمة ومخطط لها من طرف الشهيد المرحوم شعيب عبد القادر المعروف بسي خالد والذي استشهد رفقة القائد سي لزهري يوم 1958/01/23 بالقرب من مدينة تلموني، وهكذا توالت الأحداث والمعارك التي راح ضحيتها عدد من سكان المنطقة من نساء ورجال وحتى الأطفال والشيوخ الى أن نالت الجزائر حريتها واستقلالها في 1962 بعدها أصبح المكان أو الساحة معلما تاريخيا مهما لسكان المنطقة والذي يروي لنا تاريخا مؤلما، تاريخ أرض طيبة سقيت بدماء الشهداء والتي طهرت تربتها من دنس أقدام العدو، وحكاية جدران شهدت المذابح والتعذيب بكل أنواعها لتسردها لأجيالنا بكل أمانة لتزغرد المرأة الصبورة للزوج المناضل وتبكي الأم وحيدها الفدائي وعباسية لأخيها الشهيد، وسميت اليوم بساحة أول نوفمبر حيث يؤمها عدد كبير من السكان وحتى العابرين وزوار المدينة لأنها فعلا ملتقى الجميع ومصدر كل خبر سياسي أو إجتماعي أو ثقافي وحتى الموظفين عندما يحالون على التقاعد تكون هذه الساحة وجهتهم وملاذهم لتقاسم أطراف الحديث وتمضية الوقت واستطلاع آخر المستجدات في شتى مناحي الحياة.