يذوب جسمي في هذا الظلام ويتماهى مع أطياف الليل الحائرة،يترنح رأسي كمصباح قديم معلق على عمود عتيد يكاد يسقطه تعاقب نوبات الهواء،يبالغ رأسي في الترنح ليشبه قنديل عابد يصعد به سلم صومعته. يذوب جسمي في هذا الظلام ويتماهى مع أطياف الليل الحائرة،يترنح رأسي كمصباح قديم معلق على عمود عتيد يكاد يسقطه تعاقب نوبات الهواء،يبالغ رأسي في الترنح ليشبه قنديل عابد يصعد به سلم صومعته.ترى كم درجة صعد و كم ترنيحة ترنح ؟ !كل ذلك ليس مهما،المهم أن العابد يتأكد من أنه يصعد من صوت تحرك القنديل وليس من ضوئه،إلى درجة اختلاط ذلك الصوت بنبضات قلبه ..كلما تحرك رأسي أحسست أكثر بكوني موجودا وبكوني منفصل فعلا عن غيري ..هاهي قطة تقطب فيّ كأنني السبب في الانفصال بيني و بينها .. تمعن فيّ النظر،توتوت بصوت خافت ينضح لعنات وشتم ، المسكينة لا تعلم أني لست هي،وأنه لا علاقة لأنفاسي بأنفاسها،كل ما في الأمر أن إشعاعاتي تفارقني لتعبث بعواطف الآخرين وتلاطفهم و تمنيهم ..كم هي خائنة كما الصقر الذي لا يستطيع مقاومة غريزة الافتراس فيفارق كتف سيده دون إذن منه لينقض على الفريسة !هذا الليل القاتم الثقيل قد استعار همهماته من كهف سكنه الإنسان البدائي،هذه الهمهمات تصطدم بجلدي و لا تستطيع الدخول فتترك عليه قشعريرة انتقاما من المنع : هيا ابتعدي لا تمري من خلالي ..أنا غيرك.هكذا يصيح داخلي وهو يتعامل مع هكذا طفيليات،وهكذا تعرف هي أنني شيء آخر غيرها وغير عالمها.لا شيء يخالفني،ولا شيء يشبهني،الكل بين مد وجزر.. على ضفاف كينونتي،تمتد إليّ الأشياء وما أكاد ألتقطها حتى تهرب مني،أي ذبذبات تعمل بها أنظمتها الغريبة،وأي أنس هذا الذي ينقلب إلى وحشة الفجاج التي يسكنها رعد الفراق الخالع لأكباد المتآلفين ؟ ! المؤسف هو أن هؤلاء المتآلفين لستُ غيرهم ،ولا أستطيع أن أكون غيرهم و لو حاولت،لأن لنا كيسا واحدا من الهواء نستنشق منه الاحتراق ونبث فيه الزفرات الحرى التي تنفصل عنا كما ينفصل بولادة قيصرية الجنين عن أمه ..هو ليس هي،و لكنهما الاثنان يبكيان و يتألمان ..كم هو فظيع الانفصال،فظيع ولو كان فيه انبعاث روح جديدة .