ساهم المخطط الوطني للتنمية الفلاحية الذّي كانت بدايته منذ سنة 2000 في دعم الفلاحة الصحراوية ببشار وجعلها تحتل مكانة لا بأس بها في الجانب الزراعي مقارنة بالولايات الجنوبية الأخرى علما أن الإنتاج الفلاحي ببشار ينقسم إلى 3 أجزاء، منها قسم خاص بالواحات والذي ينتشر عبر حوالي 36 واحة، وهو يدخل في إطار الإستهلاك الذاتي، أو ما يعرف بالزراعات المعاشية وما يجدر الإشارة إليه كذلك أنّه وخلال العشر سنوات الأخيرة تمّ غرس أكثر من مليون نخلة. أما القسم الثاني من الإنتاج الفلاحي فيتمثل في عملية إستصلاح الأراضي لاسيما منها الخاصة بالزيتون المرّ، أما الجزء الثالث والأخير فيتمثل في محيط العبادلة، هذا الأخير الذّي قد يعتبره قاصده بأنّه فضاء يتموقع بإحدى المدن الشمالية أوالداخلية نتيجة الإخضرار الذي يكسوه. غر س متنوع القائمون على قطاع الفلاحة بولاية بشار يعملون جاهدين للرفع من مستوى الإنتاج بعاصمة الساورة وتحقيق الإكتفاء الذاتي، ومحاولتهم بل وتشجيعهم حتى لغرس بعض المنتوجات التي نجدها فقط بالمدن الشمالية كما هو الأمر بالنسبة لأشجار الزيتون، ومن بين السبل والظروف التي وفرّها المسؤولون للمجال الفلاحي نذكر بأنّه تمّ إعداد استراتيجية خاصة لإستغلال مياه الأمطار والتي بواسطة انجاز 10 حواجز مائية لتسهيل عملية السقي وفيما يبقى 16 حاجزا آخر مبرمجا في الأيام اللاحقة، علما أنّ الحاجز الواحد تقدر سعته ب 2 مليون متر مكعب على الأكثر، وفي سياق الرّي الفلاحي دائما يعمل القائمون على قطاع الفلاحة على توفيرما يطلق عليه بسياسة إقتصاد المياه، وهذا بواسطة حفر 3 آلاف بئر ذات عمق لا يتجاوز 70 مترا علما أن مستحقات إنشاء البئر الواحد تقدر ب 50 مليون سنتيم، هذا ناهيك عن إنجاز أكثر من 3500 حوض مائي طاقة استيعاب كل واحد منها 100 متر مكعب، وللإشارة فإن المبلغ المخصص لإنجاز هذا الهيكل المائي يقدر أيضا ب 50 مليون سنتيم، وما يجدر التنبيه به أنه تمّ تقديم إعانة للفلاحين تصل نسبتها 30٪ لإنجاز حوض واحد لكلّ فلاح. وفي نفس السياق تمّ الإعتماد بولاية بشار على طريقة جديدة للسقي والتي تتمثل في عملية السقي بالتقطير وهذا لفائدة مليون نخلة موزعة بالولاية. وعن زراعة الزيتون فقد أعطت نتائج جد إيجابية وكانت بدايتها تقليدية جدا، إذ جربها أحد الخواص، ونجح في ذلك، فسار على دربه فلاحون آخرون، وأضحت حاليا هذه الزراعة منتشرة ببلدية بشار والقنادسة، وجزء من منطقة تاغيت، لحمر، بني ونيف وواكدة، وعلما أن عدد أشجار الزيتون بلغ إلى غاية يومنا هذا 120 ألف شجرة موزعة كلّها على مساحة تقدر ب 350 هكتار. الشجرة المباركة وما يجدر الإشارة إليه أن النجاح لم يبق مقتصرا على إنتاج مادة الزيتون فقط وإنما تجاوز ذلك، وأضحت ولاية بشار الصحراوية قطبا أو بالأحرى مصدرا لانتاج زيت الزيتون والذي إعتبر المختصون نوعيته جيّدة كون مذاقه يختلف عن ذلك الذي ينتج بالمدن الشمالية إذ تلعب أشعة الشمس الساطعة وحرارة الجوّ دورا كبيرا في تغيير مذاق الزيتون وتحوّله إلى حلو بدلا من ذوقه الذي اعتدنا عليه في المدن الشمالية، وفي إطار مخطط الإستثمار الفلاحي والذي يتواصل إلى غاية سنة 2014 فإنه سيتم غرس حوالي 300 ألف شجرة سنويا على الأقل، هذا فضلا عن تدعيم الفلاحين بالرخص، علما أن الهدف من غرس هذا النوع من الأشجار يمكن في حماية المحيط من الزوابع الرملية لاسيما وأن المنطقة معروفة بهذا النوع من الظواهر الطبيعية، هذازيادة على هدف ثان يتمثل في خلق مناخ جديد ملائم لتطوير وتسهيل زراعة المنتوجات الفلاحية الأخرى كالخضروات، إذ كانت عملية غرس الخضر والفواكه منعدمة تماما بعاصمة الساورة وكانت تقتصر فقط على الواحات، هذا ناهيك على أنّها كانت تستغل للإستهلاك الذاتي لا غير، ومن خلال خلق هذا المناخ الجديد، تطورت أذهان الفلاحين وظهر عندهم وعي توّج بغرس مادة البصل والتّي اشتهرت بها منطقة لحمر هذا زيادة على مادة الثوم، فيما انطلقت مؤخرا بكل من بشار وثبلبالة عملية غرس مادة البطاطا، ليعتمد فلاحو منطقة تاغيت على التقنية الجديدة في مجالهم الفلاحي والمتمثلة في السقي بالتقطير. صعوبات طبيعية هذا وتجدر الإشارة إلى أن مديرية الفلاحية لولاية بشار قد أولت إهتماما كبيرا للفلاحين بغية إنجاز البيوت البلاستيكية، بحيث تمّ إنشاء 227 بيت بلاستيكي والتي تتركز أساسا في واحات منطقة تاغيت، بني عباس، لحمر، بشار والعبادلة، هذا فضلا عن إعداد برامج خاصة لتكوين الفلاحين. وحسب مدير الفلاحة لولاية بشار السيد ميسوم شمس الدين فإنّ مصالحه تعمل بالتنسيق مع المعهد الفلاحي الكائن بولاية عين تموشنت. ... مشاكل تنخر القطاع هذا وأضاف محدثنا بأنّ قطاعه يعرف هو الآخر جملة من العراقيل تقف حجر عثرة أمام تقدم المجال الفلاحي نحو الأمام وتتمثل هذه المشاكل في بعد المسافة بين مديرية الفلاحة والبلديات الأخرى، إذ تقدر في بعض الأحيان ب 300 كلم، وكمثال عن ذلك بلدية بشار تبعد عن منطقة واكدة بحوالي 300 كلم، علما أن هناك قسمين فلاحيين فقط يتواجد واحد منهما ببلدية إقلي والآخر ببشار. هذا وقد إستفادت مديرية الفلاحة من مقرّ جديد لائق بدلا من المقرّ الحالي الذي يعتبر مؤقتا فقط، من جهتها مديرية الفلاحة طالبت الوزارة الوصية بضرورة توفير وسائل النقل. وفي نفس المضمار يعتبر نقص التأطير في ميدان الفلاحة هو الآخر عائقا في تقدم القطاع الفلاحي، هذا زيادة على ظاهرة زحف الرمال التي تهدد الأراضي الفلاحية، هذا بالإضافة إلى ظاهرة طبيعية أخرى تشكل عائقا والمتمثلة في تساقط كميات معتبرة من الأمطار دفعة واحدة تسجل خسائر من حين لآخر. وما يجدر التذكير به أن الدولة أعطت دعما خاصا لتربية البقر والإبل وكذا الدواجن علما أن الولاية حققت إكتفاء وتمّ تغطية العجز في مجال اللّحوم البيضاء. 80 نوعا من التمور ومن خلال عقد النجاعة الخاص بالموسم الفلاحي 2010-2009، تمّ إنتاج 6100 قنطار من القمح الصلب و1100 قنطار من القمح اللّين ناهيك عن إنتاج 44500 قنطار من الأعلاف و11700 قنطار من مادة البطاطا و31200 قنطار من البصل. بالإضافة الى 197900 قنطار من التمور، علما أن هنالك حوالي 80 نوعا من التمور تحتويها الولاية إلاّ أنّ الأنواع المشهورة بها عاصمة الساورة تتمثل في الفڤوس الحميرة والحرطان. أما عن اللحوم الحمراء فقد تمّ تسجيل 24230 قنطار، فيما بلغت سعة الحليب المنتجة 13391 لتر. ومن خلال هذه الأرقام المحصل عليها نستطيع القول بأنّ ولاية بشار قد خطت خطى عملاقة نحو الأمام، لاسيما في مجال الفلاحة إذ عمل القائمون على القطاع توفير كلّ المنتوجات الفلاحية المتواجدة بالمدن الشمالية كتوفير مادة الزيتون مثلا والتّي أفرزت عن زيت الزيتون ذو المذاق الحلو، علما أن هذه الأشجار قد خلقت جوّا ملائما لتطوير الفلاحة بهذه الولاية. وفي ختام موضوعنا نقول بأنّ الفلاحة الصحراوية شهدت تحسنا ملحوظا في السنوات الأخيرة، وبدأت تخرج من قوقعة الظلمات التي كانت تشهدها في السابق، علما أن بداية مسار الفلاحية بهذه المنطق الصحراوية كانت استهلاكية لتتوسع بعد ذلك بفضل تدعيمات الدولة وتصبح تعمل على تغطية عجز الولاية ككلّ وما جاورها، فضلا عن تحقيق الإكتفاء الذاتي.. لتبقى الإرادة هي العامل الوحيد لأن تتحوّل هذه الولاية الصحراوية الى منطقة نامية في جميع المجالات.