شيوخها ساهموا في محاربة الاستعمار تقع الزاوية الطيبية 'سيدي بن عمر' في منطقة نائية بإحدى بلديات ندرومة، وقد اختار مؤسس زاوية 'سيدي بن عمر' الصوفي الشيخ سيدي داود هذا المكان الخالي وهذه المنطقة المعزولة حتى يكون بعيدا عن الناس، ويتمكن من السيطرة على نفسه ونوازعها، فذلها بالابتعاد عن ملذات الحياة ونعيمها قصد التقرب من الله الواحد الأحد فلا يبقى بينه وبين خالقه حجاب، حيث يتميز المكان الذي بنيت به الزاوية بخاصية تفتقر إليها المناطق الأخرى وهي عذوبة مائها، فالزاوية والمسجد يأتيهما الماء من عين تقع في أعلى الجبل، وهي عين أقرّ العارفون بالمنطقة أنها قديمة، يعود تاريخ ظهورها إلى مئات السنين. يرجع الفضل في تأسيس هذه الزاوية المباركة إلى الصوفي الجليل الشيخ سيدي داود ،ولم يعثر لحدّ الآن على مصدر أو مرجع يؤرخ لميلاد أو وفاة الشيخ سيدي داود ،وعن المسلك الصوفي الذي نهجته الأسرة في بداية الأمر تشير بعض المصادر التي اهتمت بتاريخ زاوية سيدي بن عمر إلى أن شيوخ هذه الزاوية المباركة ساروا على الطريقة القادرية المنسوبة إلى الولي الصالح مولاي عبد القادر الجيلاني . وفي سنة 1339ه/1920م توفي الشيخ سيدي الدريوش وخلفه في القيام بشؤون الزاوية الشيخ سيدي بن عمر ولد مصطفى، ودامت مشيخته للزاوية مدة اثنين وعشرين سنة، وعرف عن هذا الشيخ أنه كان رجلا تقيا يدير شؤون الزاوية نهارا ويقرأ القرآن ليلا، وفي سنة 1940م نزل بالزاوية جماعة من سكان مدينة الغزوات الساحلية وقصدوا الشيخ سيدي بن عمر ولد مصطفى وهم في حالة من القلق ليعبروا له عما يلحق بمدينتهم من جراء القصف الجوي، فطلب منهم الشيخ وضع حواجز رملية فوق سطوح منازلهم حتى يتمكنوا من تجنب الحرائق الناجمة عن القذائف التي كانت تطلقها الطائرات الحربية، واستطاع بذلك أن يهدئ من روعهم ويعيد الثقة إلى نفوسهم مؤكدا أن العدو الفرنسي لا يستطيع تدمير أراضيهم والإقامة بها. وتوفي رحمه الله سنة 1361ه/1942م، وبعد وفاة الشيخ سيدي بن عمر ولد مصطفى تولى مشيخة الزاوية ابن أخيه سيدي مولاي علي ولد سيدي العربي ودامت مشيخته لزاوية سيدي بن عمر مدة سبع وعشرين سنة، حيث لعبت في عهده الزاوية دورا كبيرا في تحفيظ القرآن الكريم وتدريس العلوم الدينية ،ومن فضائله فتحه باب الحج إلى بيت الله الحرام لأفراد هذه الأسرة الشريفة بعدما انقطعت مدة من الزمن، وأدى فريضة الحج مرتين بصحبة ابنه الأكبر الحاج أمحمد، كما لعب الشيخ سيدي مولاي علي دورا بارزا في الثورة التحريرية المباركة، وتمثل دوره في تموين المجاهدين الذين كانوا يعملون تحت قيادة عباس وبعثمان ورضوان والوهراني ونعناع، وتوفي رحمه الله تاركا السرّ بعده لولديه الحاج امحمد وسيدي بن عمر.