أرادت الصحافة الكولونيالية الصادرة في الجزائر تجسيد هدفين أولهما تحقيق رغبة المعمرين في ايجاد وسائل إعلام تخبرهم بما يقع من أحداث في الداخل و الخارج ، و ثانيا كانت هذه الصحافة موجهة لطبقة معيّنة من الأهالي الجزائريين الذين تعلموا في مدارس المستعمر و صار بإمكانهم القراءة و بالتالي تكوين فئة تقرأ الصحافة الفرنسية و تؤمن بمخطط المستعمر بأنّ الأحداث الواقعة في الجزائر سواء أثناء المقاومة أو خلال الثورة التحريرية تنفذها مجموعة من الارهابيين و قطّاع الطرق الذين أطلقت عليهم فرنسا اسم " فلاقة " معظم الصحف و أكبرها التي أسسها المعمرون في الجزائر كانت في نهاية القرن التاسع عشر أو بداية القرن العشرين و رغم توجهاتها السياسية و الاجتماعية المختلفة و التي تأرجحت بين اليمين المعتدل و اليسار الراديكالي و الليبرالية ، فالمعمرون القادمون من أوربا كانوا على درجة وعي كبيرة بفضل احتكاكهم بالثورة الصناعية كما أنّ ألمانيا و فرنسا من أول البلدان التي ظهرت فيها الصحافة المكتوبة و كانت مدينة ليون مهد أصحاب المطابع و بالتالي وعت الطبقة المعمّرة أن الصحافة هو الجواد الرابح في سباق الدفاع عن الأهداف السياسية لفرنسا و مصالح الكولون . و عليه كانت الصحافة التي أصدرها المعمِّرون في الجزائر ذات أهداف سياسية بالدرجة الأولى تلعب على نفسية الجزائريين و تغذي بسيكولوجينا الخوف لديهم من المقاومة و حركات الاصلاح التي قادتها جمعية العلماء المسلمين و أيضا من الثورة التي فجّرتها الجبهة. من اللورين إلى وهران ، حكاية جريدة و من أعرق الصحف الكولونيالية التي رافقت كل مراحل الاستعمار الفرسي و امتدت إلى 1963 جريدة " ليكو دو ران " حيث يوجد اليوم المقر الرئيسي لجريدة " الجمهورية " بوهران و التي تأسست في أكتوبر 1944 في نسخة من صفحتين و هي التي تحدثت في ما بعد عن مقاومة الأمير عبد القادر و مجيء لاموريسيار إلى وهران بوجهة نظر فرنسية خالصة بعد أن كانت صحيفة أخبار المحاكم و الإدارة و التجارة و تصدر أسبوعيا . صدر العدد صفر للجريدة يوم السبت 5 أكتوبر 1844 و صدر العدد الأول في 12 أكتوبر من نفس السنة و كانت تصدر كل سبت و كان هذا الصدور بمثابة حدث وطني بارز تلقاه الجمهور الفرنسي و المفرنس بشديد الفرحة و كان المكسب الثقافي و العلمي و السياسي للناحية الوهرانية و تدرّج عدد نسخه تصاعديا و وصل صداه إلى كل أرجاء شمال افريقيا . تعمدت " ليكو دوران " تزييف الحقائق بما يخدم الإدارة الفرنسية رغم انتماء مؤسسها " أدولف بيغيي" لليمين المعتدل و هو صاحب مطبعة جاء من منطقة " اللورين" في الشمال الشرقي لفرنسا و المعروفة مدنها بالثقافة و العلم فكانت كل تغطيتها للأحداث تصب في خانة التهويل من أعمال المقاومين و المجاهدين الجزائريين و اقتصرت أخبارها ليلة انطلاق ثورة أول نوفمبر بكونها أعمال ارهابية اندلعت هنا و هماك و سوف يعرف الجيش كيف يتعامل معها. " لا ديباش دو كنستونتين " جريدة كولونيالية أخرى صدرت في قسنطينة عام 1904 من أجل تغطية أحداث و أخبار الشرق و ظلت تؤرخ للمعظم الأشغال التي نفذتها الإدارة الفرنسية في المنطقة و أيضا لتحركات و مقاومة الشعب الجزائري كما ظهرت صحيفة أخرى كان لها باع كبير في العاصمة و هي " ليكو دا لجي" التي استمرت من 1912 إلى 1961 و كانت ذات توجه يميني معتدل هللت لمجيد الجينرال ديغول و انقلبت عليه بعد ظهور بوادر " الجزائر جزائرية " فناصرت حركة الانقلاب التي تمت ضد ديغول من قبل جينرالات الجزائر فصادرها في 1961 . الجريدة التي أصدرتها عائلة " ديغو" و ترأس إدارتها الكوت " لوموايان دو سيغينيي ألان " و كان من أكبر المحققين فيها " فريسون غوش روجر" بدأت تطبع بداية من 1941 ( 20 ألف نسخة . و قالت " ليكو دا لجي " في اليوم الموالي لانطلاق ثورة الفاتح نوفمبر 1954 " التدخل لقمع النشاط الاجرامي " قي إشارة إلى إرسال قوات المظليين إلى الجزائر لقمع الأعمال الارهابية . العدد 1 من " ليكو دو ران" الصادر في 12 أكتوبر 1844