شهد الأسبوع الثقافي الثالث للصناعات التقليدية و الحرف الذي احتضنه قصر الثقافة " محمد العيد آل خليفة " إقبالا كبيرا من لدن الجمهور الذين تهافتوا على معروضات الحرفييّن البالغ عددهم 60 حرفيا من 6 ولايات جزائرية وهي وهران، الطارف ، الجلفة ، الأغواط ، أدرار، البويرة و قسنطينة ، حيث تنوّعت إبداعات الحرفييّن ما بين أصالة اللباس التّقليدي، عراقة الزريبة ، الحلي التقليدي، اللّوحات الفنية ، صناعة الأواني الفخارية و الحلويات التقليدية إلى جانب النحاس و غيرها من الصناعات التي زينت قاعات قصر الثقافة في معرض حرفي فني بامتياز. وفي هذا الصّدد قامت جريدة الجمهورية بزيارة ميدانية إلى المعرض بهدف الوقوف عند إبداعات حرفييّ الولايات المشاركة في هذا الأسبوع التقليدي ، حيث لاحظنا تلك اللمسات الجمالية للصناعات اليدوية التي تنوعت بين الزّرابي و الحلي و النحاس و الألبسة التقليدية و غيرها من الصناعات التي جلبت أنظار الزوار و أبهرتهم غلى حد بعيد. عين على " اللّباس النّايلي " يعتبر اللّباس التّقليدي" النّايلي " أحد أهمّ الألبسة التي لفتت انتباه زوّار المعرض لجماله وميزته التقليدية التي تعبّر عن عراقة منطقة " أولاد نايل " ، وقد عرضت مصممة الأزياء السيدة "جهرة سامية " من ولاية الجلفة عددا من الأنواع بألوان وأشكال مختلفة ، حيث أكدت أن له شهرة واسعة بدليل وضع تمثال امرأة بحديقة التجارب الحامة بالعاصمة وهي ترتدي اللباس النايلي ، كما ذكرت أن الفنان " نصر الدين دينات " الذي يعرض أعماله بفرنسا له الكثير من اللوحات عن زي المرأة النايلية ، مضيفة أن هذا الزي قديم جدا و كان الأسلاف سنة 1800 يرتدونه في المنزل باللونين الأبيض والأسود فقط ، أما الآن و بتطور العصر أدخل على هذا الزيّ العديد من الألوان و الأشكال ، ناهيك عن تنوع القماش المستخدم به و الذي أصبح يواكب ما هو دارج طبعا ، مع الحفاظ على شكله الأصلي، كما أشارت المصممة محدثتنا إلى أن سكان كل ولاية لا يستطيعون التفرقة بين " الزي النايلي " و " الشاوي " ، فالنوع الأول حسبها يتميز بضيقه من ناحية الخصر والحوض، و يتطلب قماشا من 3 ونصف إلى 4 أمتار.. فالعروس النايلية تلبس لباسا أبيضا وتتزين بالإكسسوارات التّقليدية ك" السخاب" المصنوع من المسك الأبيض و المواد العطرية ، كما تضع " المدور" وهو عبارة عن زينة من الفضة على شكل دائرة بها نقوش .. إضافة إلى " الشنتوف " وهو عبارة عن عقد، وفيما يخصّ الأسعار فهي في متناول الجميع باستثناء البعض منها التي تصنع بقماش ذو جودة عالية وخيوط ذهبية و أحجار ثمينة ، كما أثنت السيدة " سامية " على مثل هذه المعارض التي من شأنها أن تعرف سكان الولايات بالموروث " النايلي" وهوية اللباس التقليدي ، و فرصة جيدة للاحتكاك بزميلاتها من المصممات من ولايات مختلفة وتبادل الخبرات .. إقبال على العلب المزينة و المزهريات تعتبر العلب المزينة و المزهريات من الإكسسوارات الأكثر استقطابا للنساء في جلّ المعارض التقليدية ،إلى جانب اللوحات الفنية التي تزيد الديكور جمالا ورونقا ، لكن المثير في الأمر أن هذه الأكسسوارات تصنع من علب " الياغورت " و مثبّث الشعر، و كذا العلب التي توضع بها الأحذية و الأسلاك و غيرها من المواد ..هذه هي هواية و حرفة السيدة " طيبي فاطمة " من ولاية الأغواط التي قالت بصريح العبارة " أنا أصنع من لا شيء شيئا " ، كيف لا ؟ ، وهي التي تحوّل أي شيء قابل للرمي إلى مادة جميلة لها فائدة، حيث أوضحت أنها تعلم مادة الأشغال اليدوية والرسم على القماش في إحدى دور الشباب، وفي سنة 2009 بدأت في صنع الأشياء الجميلة من العلب ، لتشارك بعدها في مهرجان " إبداع الفتاة " الذي توجت فيه بالجائزة الأولى، ثم في مهرجان تيبازة سنة 2012، ومن هناك أصبحت حرفية في مجال تحويل المرميات إلى أشياء جميلة ، وأصبحت تنظم ورشات خاصة في صنع المزهريات و العلب من خلال اعتمادها على قارورات فارغة و كؤوس قديمة ، وأيضا خيوط كوابل و أوراق .... و كل ما يتم رميه إلى جانب استعمالها لحبّ الصّنوبر .
ومن أجل تطوير حرفتها طالبت السيدة " فاطمة " السلطات بالحصول على محلّ خاص بالحرفيين لكنها للأسف تم إبلاغها أنه لا يحق لها الاستفادة من محل لأنها في سنّ الخمسين ، الأمر الذي أحزنها و أثر على نفسيتها خصوصا أنها تملك الموهبة و بإمكانها تطوير عملها من خلال أفكار وعادات الأجداد وتجسيدها بطريقة عصرية ، فهي حرفة رائعة و صديقة للبيئة و بإمكانها أن تذر فوائد مادية إلى جانب فائدتها العظيمة في المحافظة على البيئة . الأواني الفخارية بأنامل إبداعية الجودة و الأصالة هي التي تصنع الفرق هكذا عبرت " مليكة كتاش " من ولاية الطارف المتخصصة في صناعة الأواني الفخارية عن حرفتها التي تعشقها إلى حد الجنون ، فهي تعلمتها على يد والدتها وهي في سن ال 14 من عمرها ، حيث أصبحت تجيد صناعة ما يعرف بالطاجين ، البرمة ، الكسكاس، الكانون و غيرها من أدوات الطّهي التي لها طابع وميزة خاصة ، إذ أنّ الطهي بواسطتها يجعل مذاق الطعام لذيذا ،و مثل هذه الوسائل التقليدية تحمي من تلوث الطعام مقارنة بالأدوات الحديثة التي تستعمل فيها مواد ضارة وغير معروفة، وقد قال إنّ مشاركاتها في المعارض زادت من اتساع دائرة زبائنها حتى من خارج الوطن ، فهي تعتبر أن حرفتها ذهبية بالنّظر إلى جودة مصنوعاتها خاصة وأنها تحوّل الطين بعد تنقيته من كل أنواع الحجارة إلى أدوات وأواني لطهي الطّعام و الكسرة باستعمال يديها بالرّغم من أنّها تحصّلت سنة 2010 على الدّعم بتلقّيها لأدوات وفرن، فهي تحاول قدر الإمكان المحافظة على هذه الحرفة من الزوال والاندثار ، فالكلّ يعرف ما يسمّى بالطاجين لكنهم يجهلوا الأواني الأخرى التي تسعى بدورها إلى إعادة بعثها من جديد لتشجع العائلات لاستخدامها في الطبخ لأنها أضمن و أفضل بكثير من الطهي في الأواني الحديثة، وبدورنا لاحظنا تهافت الزوار لاقتناء مختلف الأواني الفخّارية ، حيث كان البعض يطلب منها تقديم شروحات حولها و حول طابعها و المدة التي يمكن لهذه الأواني أن تبقى صالحة للاستخدام ، وفي الأخير طالبت الحرفية " مليكة " بمساعدتها على إنجاز ورشة خاصة على قطعة أرض تملكها حتى تتمكن من استخدام الفرن و مواد الدعم التي تحصلت عليها ..وحتى تحقق حلمها في الحفاظ على حرفة الأدوات الفخارية وحمايتها من الزوال .